منابـــر أهل الحديث والأثــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اتباع أهل الحديث والأثر في فهم النصوص
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:53 pm

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا الجزء الرابع من فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي و ابن رجب

ص -111- الحديث الواحد والثلاثون
عن أبي العباس سَهل بن سَعْد
الساعدي رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا
رسول الله! دُلَّني على عمل إذا عملته أحبَّني الله وأحبَّني الناسُ، فقال: "ازهد
في الدنيا يُحبّك الله، وازهد فيما عند الناس يُحبّك الناس" حديث حسن، رواه ابن
ماجه وغيره بأسانيد حسنة.
1 أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرصُ الناس
على كلِّ خير، وأسبقُ الناس إلى كلِّ خير، وقد حرص هذا الصحابيُّ على معرفة ما
يجلبُ له محبَّةَ الله ومحبَّة الناس، فسأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هذا
السؤال.
2 قوله: "ازهد في الدنيا يُحبّك الله"، بيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ
محبَّة الله عزَّ وجلَّ تُحصَّلُ بالزهد في الدنيا، وأحسن ما قيل في بيان المراد
بالزهد في الدنيا ترك الإنسان كلَّ ما يشغله عن الله، كما نقله الحافظ ابن رجب في
شرحه جامع العلوم الحكم (2/186) عن أبي سليمان الداراني، فقال: "وقال أبو سليمان
الداراني: اختلفوا علينا في الزهد بالعراق، فمنهم مَن قال: الزهد في ترك لقاء
الناس، ومنهم مَن قال: في ترك الشهوات، ومنهم مَن قال: في ترك الشِّبع، وكلامهم
قريب بعضُه من بعض، قال: وأنا أذهب إلى أنَّ الزهدَ في ترك ما يشغلك عن الله عزَّ
وجلَّ. وهذا الذي قاله أبو سليمان حسن؛ وهو يجمع جميع معاني الزهد وأقسامه
وأنواعه".
3 قوله: "وازهد فيما عند الناس يُحبّك الناس"، الناسُ حريصون على
المال والمتاع في الحياة الدنيا، والغالب عليهم إمساكُ ما في

ص -112- أيديهم
وعدم الجود به، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا
وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ولا يُعجبهم مَن يطمع فيما عندهم أو يتطلَّع
إليه، فإذا استغنى الإنسانُ عنهم نال إعجابهم وظفر بمحبَّتهم، وإذا ظفر بمحبَّتهم
سلم من شرِّهم.
4 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 حرص الصحابة على ما يجلب لهم
محبَّة الله ومحبَّة الناس.
2 إثبات صفة المحبَّة لله عزَّ وجلَّ.
3 أنَّ
الخيرَ للعبد في محبَّة الله إيَّاه.
4 أنَّ مِمَّا يجلب محبَّة الله الزهدَ في
الدنيا.
5 أنَّ زهدَ المرء فيما في أيدي الناس سببٌ في محبَّتهم إيَّاه، فيحصِّل
خيرَهم ويسلم من شرِّهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:54 pm

ص -113- الحديث الثاني والثلاثون
عن أبي سعيد سَعد بن مالك بن
سنان الخدري رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا
ضِرار" حديث حسن، رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً، ورواه مالك في الموطأ
مرسلاً عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأسقط أبا
سعيد، وله طرق يقوِّي بعضُها بعضاً.
1 هذا الحديث مشتملٌ على قاعدة من قواعد
الشريعة، وهي رفع الضرر والضرار، وهو خبرٌ بمعنى النهي عن الضرر والضرار، والضَّررُ
قد يحصل من الإنسان بقصد أو بغير قصد، والضرار يكون مع القصد، قال الحافظ ابن رجب
في جامع العلوم والحكم (2/212): "واختلفوا هل بين اللَّفظتين أعني الضررَ والضرار
فرق أم لا؟ فمنهم مَن قال: هما بمعنى واحد على وجه التأكيد، والمشهور أنَّ بينهما
فرقاً، ثم قيل: إنَّ الضرر هو الاسم، والضرارَ الفعل، فالمعنى أنَّ الضرَرَ نفسه
منتف في الشرع، وإدخال الضرر بغير حقٍّ كذلك، وقيل: الضررُ أن يُدخل على غيره ضرراً
بما ينتفع هو به، والضرار أن يُدخل على غيره ضرراً بما لا منفعة له به، كمَن منع ما
لا يضرُّه، ويتضرر به الممنوع، ورجَّح هذا القولَ طائفةٌ منهم ابن عبد البر وابن
الصلاح، وقيل: الضررُ أن يضرَّ بمَن لا يضره، والضرار أن يضرَّ بمن قد أضرَّ به على
وجه غير جائز، وبكلِّ حال فالنبي صلى الله عليه وسلم إنَّما نفي الضرَرَ والضِرَارَ
بغير حقٍّ، فأمَّا إدخالُ الضرر على أحد بحقٍّ، إمَّا لكونه تعدَّى حدودَ الله،
فيُعاقَب بقدر جريمته، أو كونه ظَلَم نفسَه وغيرَه، فيطلب المظلوم مقابلته بالعدل،
فهذا غيرُ مراد قطعاً، وإنَّما المراد إلحاق الضرر بغير حقٍّ، وهذا على
نوعين:
أحدهما: أن لا يكون في ذلك غَرضٌ سوى الضرر بذلك الغير، فهذا لا ريب في
قُبحه وتحريمه، وقد ورد في القرآن النهيُ عن المضارَّة في مواضع، منها في الوصية،
قال الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ
مُضَارٍّ}".
إلى أن قال (2/217): "والنوع الثاني: أن يكون له غرض آخر صحيح، مثل
أن يتصرَّف في ملكه بما فيه مصلحة له، فيتعدَّى ذلك إلى

ص -114- ضرر غيره،
أو يمنع غيرَه من الانتفاع بملكه توفيراً له، فيتضرَّر الممنوع بذلك".
2 مِمَّا
يُستفاد من الحديث:
1 بيان كمال الشريعة وحسنها في رفع الضرر والإضرار.
2
أنَّ على المسلم ألاَّ يضرَّ غيره ولا يضاره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:54 pm

الحديث الثالث والثلاثون
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يُعطَى الناسُ بدعواهم، لادَّعى رجالٌ أموالَ قوم
ودماءهم، لكن البيِّنة على المدَّعي، واليمين على مَن أنكر" حديث حسن، رواه البيهقي
وغيره هكذا، وبعضه في الصحيحين.
1 حديث ابن عباس هذا أخرجه البخاري (4552)،
ومسلم (1711)، وأكثره في الصحيحين، والذي ليس فيهما: "البيِّنة على المدَّعي"، لكن
ثبتت هذه الجملة فيهما من حديث الأشعث بن قيس عند البخاري (4550)، ومسلم (138) في
قصة له مع ابن عمٍّ له، قال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "بيِّنتك أو
يَمينه".
2 قال ابن دقيق العيد في شرح الأربعين: "وهذا الحديث أصل من أصول
الأحكام، وأعظم مرجع عند التنازع والخصام، ويقتضي أن لا يُحكم لأحد بدعواه"، وقد
بيَّن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه أنَّه لو أجيب كلُّ مدَّع على غيره شيئاً
لأدَّى ذلك إلى ادِّعاء أموال الناس ودمائهم، لكن النَّبيَّ

ص -115- صلى
الله عليه وسلم أوضح ما يكون فيه الفصل بين الناس في ذلك، وهو طلب البيِّنة من
المدَّعي، وهي كلُّ ما يبين الحقَّ ويدلُّ عليه، من شهود أو قرائن أو غيرها، فإذا
أتى بالبيِّنة قُضي بها على المدَّعَى عليه، وإن لم توجد البيِّنة طُلب من
المدَّعَى عليه اليمين، فإن حلف برئت ساحتُه، وإن نكل عن اليمين قُضي عليه
بالنُّكول، وأُلزم بما ادَّعاه عليه خصمُه، وقال النووي في شرح الأربعين: "إنَّما
كانت البيِّنة على المدَّعي؛ لأنَّه يدَّعي خلاف الظاهر، والأصل براءة الذِّمَّة"،
ثم ذكر أنَّه يُستثنى مسائل كثيرة يُقبل فيها قول المدَّعي بلا بيِّنة، منها دعوى
الأب حاجته إلى الإعفاف، ودعوى السفيه التَّوَقان إلى النكاح مع القرينة، ودعوى
خروج المرأة من العدَّة بالأقراء ووضع الحمل، ودعوى الطفل البلوغ بالاحتلام، ودعوى
المودع تلف الوديعة أو ضياعها بسرقة ونحوها، والمدَّعي هو الطالب الذي لو سكت تُرك،
والمدَّعَى عليه هو المطلوب الذي لو سكت لم يُترك، قال ابن المنذر كما في جامع
العلوم والحكم (2/230): "أجمع أهل العلم على أنَّ البيِّنة على المدَّعي واليمين
على المدَّعَى عليه، قال: ومعنى قوله: (البيِّنة على المدَّعي) يعني: يستحقُّ بها
ما ادَّعى؛ لأنَّها واجبة عليه يؤخذ بها، ومعنى قوله: (اليمين على المدَّعَى عليه)،
أي: يبرأ بها؛ لأنَّها واجبة عليه، يؤخذ بها على كلِّ حال".
3 وكما أنَّ
المدَّعي عليه البيِّنة فيما يدَّعيه من الأمور الدنيوية، فإنَّ على المدَّعي
البيِّنة في الأمور الأخرويَّة، فمَن ادَّعى محبَّةَ الله ورسوله صلى الله عليه
وسلم يكون صادقاً في دعواه إذا اتَّبع الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال الله
عزَّ وجلَّ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ
اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "هذه
الآية الكريمة حاكمةٌ على كلِّ مَن

ص -116- ادَّعى محبَّة الله وليس هو على
الطريقة المحمَّدية، فإنَّه كاذب في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمَّدي والدِّين
النبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنَّه قال: "مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، ولهذا قال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}، أي: يحصل لكم فوق ما
طلبتم من محبَّتكم إيَّاه، وهو محبَّته إيَّاكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض
العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تُحِب، إنَّما الشأن أن تُحَبَّ، وقال الحسن البصري
وغيرُه من السلف: زعم قومٌ أنَّهم يُحبُّون الله، فابتلاهم الله بهذه الآية".
4
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 اشتمال الشريعة على حفظ أموال الناس ودمائهم.
2
بيان الرسول صلى الله عليه وسلم الطرق التي يُفصَل فيها بين المتخاصمين.
3 إذا
لم يُقرَّ المدَّعى عليه، فإنَّ على المدَّعي إقامة البيِّنة على دعواه.
4 إذا
لم تُقم البيِّنة حُلِّف المدَّعى عليه وبرئت ساحتُه، وإن لم يحلف قُضي عليه
بالنُّكول.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:55 pm

الحديث الرابع والثلاثون
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده،
فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان"رواه مسلم.
1
هذا الحديث مشتملٌ على درجات إنكار المنكر، وأنَّ مَن قدر

ص -117- على
التغيير باليد تعيَّن عليه ذلك، وهذا يكون من السلطان ونوابه في الولايات العامة،
ويكون أيضاً من صاحب البيت في أهل بيته في الولايات الخاصة، ورؤية المنكر يحتمل أن
يكون المراد منها الرؤية البصرية، أو ما يشملها ويشمل الرؤية العلمية، فإذا لم يكن
من أهل التغيير باليد، انتقل إلى التغيير باللسان، حيث يكون قادراً عليه، وإلاَّ
فقد بقي عليه التغيير بالقلب، وهو أضعفُ الإيمان، وتغيير المنكر بالقلب يكون بكراهة
المنكر وحصول الأثر على القلب بسبب ذلك، ولا تنافي بين ما جاء في هذا الحديث من
الأمر بتغيير المنكر، وقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، فإنَّ
المعنى: إذا قمتم بما هو مطلوب منكم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد
أدَّيتم ما عليكم، ولايضرُّكم بعد ذلك ضلال مَن ضلَّ إذا اهتديتم، ولشيخنا الشيخ
محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله عند الكلام على هذه الآية في كتابه أضواء البيان
تحقيقات جيِّدة في مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من المناسب الرجوع إليها
للاستفادة منها.
2 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 وجوب الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر، وأنَّ به صلاح العباد والبلاد.
2 أن تغيير المنكر يكون على درجات، من
قدر على شيء منها تعيَّن عليه ذلك.
3 التفاوت في الإيمان، وأنَّ منه القويّ
والضعيف والأضعف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:56 pm

ص -118- الحديث الخامس والثلاثون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا
تدابروا، ولا يبع بعضُكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلمُ أخو
المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ههنا، ويشير إلى صدره
ثلاث مرَّات، بحسب امرئ من الشرِّ أن يَحقرَ أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم
حرام: دمه وماله وعرضه" رواه مسلم.
1 قوله: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا
تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضُكم على بيع بعض"، الحسدُ يكون في الأمور
الدنيوية والأخروية، ويدخل تحته كراهة الحاسد النعمة التي أنعم الله بها على غيره،
ويدخل فيه تَمنِّي زوال هذه النعمة عنه، وسواء تَمنَّى انتقالها إليه أو عدم
انتقالها، وأمَّا إذا تَمنَّى مثلَ ما أنعم الله به على غيره دون كراهية حصولها
لغيره، ودون تَمنِّي زوالها عنه، فهذا هو الغبطة، وليس بمذموم، والنَّجْشُ: أن يزيد
في ثمن السِّلعة عند المناداة عليها، وهو لا يريد شراءها، بل يريد نفع البائع
بزيادة الثمن له، أو الإضرار بالمشتري بزيادة الثمن عليه، والتباغض هو تعاطي أسباب
البغضاء والإتيان بما يجلبها، والتدابر المقاطعة والتهاجر؛ فلا يحبُّ أن يلقى أخاه،
بل يولِّي كلُّ واحد منهم دُبرَه بسبب ما يكون بينهما من تباغض، والبيع على بيع
غيره أن يتبايع اثنان سلعة وهما في مدَّة الخيار، فيأتي آخر إلى المشتري فيقول له:
اترك هذه السلعة وأنا أبيعك سلعة مثلها أو أحسن منها بثمن أرخص مِمَّا اشتريت به،
وهذا العمل يسبِّب التباغض.

ص -119- 2 قوله: "وكونوا عباد الله إخواناً،
المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره، التقوى ههنا ويشير إلى
صدره ثلاث مرَّات، بحسب امرئ من الشرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم"، بعد نهيه صلى الله
عليه وسلم عن أمور محرَّمة، فيها التباغض بين المسلمين وتعاطي أسبابه، أرشد صلى
الله عليه وسلم إلى ما هو مطلوب من المسلمين أن يكونوا عليه، وهو أن يكونوا إخوةً
متحابِّين متآلفين، يرفق بعضهم ببعض، ويُحسن بعضُهم إلى بعض، بإيصال النفع إليه
ودفع الضرر عنه، وأكَّد ذلك بقوله: "المسلم أخو المسلم"، أي: أنَّ مقتضى الأخوة أن
يحبَّ لغيره ما يحبُّ لنفسه، ويكره له ما يكره لها، فلا يظلم غيره بأن يعتدي عليه،
أو يلحق أيَّ ضرر به، ولا يخذله عند حاجته إلى نصرته وهو قادر على أن ينصره، ولا
يحدِّثه بحديث هو كاذب فيه، ولا يحقره بأن يستهين به ويستصغره، ثم بيَّن صلى الله
عليه وسلم قبح احتقار المسلم أخاه بقوله: "بحسب امرئ من الشرٍّ أن يحقرَ أخاه
المسلم"، أي: يكفيه من الشرِّ احتقار أخيه لو لم يكن عنده شرٌّ غيره، ووسَّط صلى
الله عليه وسلم بين النهي عن الاحتقار وبيان عظمَ شرِّه قوله صلى الله عليه وسلم:
"التقوى ههنا"مشيراً إلى صدره ثلاث مرَّات، أي إلى القلب؛ لبيان أنَّ العبرة بما
يقوم في القلوب من الإيمان والتقوى، وأنَّه قد يكون قلبُ مَن احتُقر معموراً
بالتقوى، ويكون قلبُ مَن احتقره وتكبَّر عليه بخلاف ذلك، وأمَّا ما يقوله بعضُ مَن
يقع في المعاصي الظاهرة إذا نبِّه على شيء منها أشار إلى صدره، وقال: "التقوى
ههنا"، فيُقال له: إنَّ التقوى إذا صارت في القلب ظهر أثرُها على الجوارح
بالاستقامة وترك المعصية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ألا إنَّ في الجسد مُضغة
إذا صلحت صلح الجسد كلُّه وإذا فسدت فسد الجسد كلُّه، ألا وهي القلب"، وقال صلى
الله عليه وسلم: "إنَّ الله لا

ص -120- ينظر إلى صوَركم وأموالكم، ولكن ينظر
إلى قلوبكم وأعمالكم" رواه مسلم (2564)، وجاء عن بعض السلف أنَّه قال: "ليس الإيمان
بالتمنِّي ولا بالتحلِّي، ولكن ما وقر في القلوب وصدَّقته الأعمال".
3 قوله:
"كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"، يحرم الاعتداء على النفس بالقتل
أو ما دونه، والاعتداء على المال بالسرقة والغصب وغير ذلك، والاعتداء على العِرض
بالسبِّ والشتم والغيبة والنميمة وغير ذلك، وقد أكَّد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
تحريم هذه الثلاثة في حجَّة الوداع، قارناً حرمتها بحرمة الزمان والمكان، حيث قال
صلى الله عليه وسلم: "إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام، كحرمة يومكم
هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا".
4 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 تحريم
التحاسد والتناجش والبيع على بيع أخيه، وكذا الشراء على شرائه، وكذا كلُّ ما يجلب
العداوة والبغضاء بين المسلمين.
2 النهي عن تعاطي أسباب البغضاء، وكذا كلُّ ما
يترتَّب على ذلك من تقاطع وتهاجر بين المسلمين.
3 حثُّ المسلمين جميعاً على أن
يكونوا إخوةً متحابِّين متآلفين.
4 أنَّ الأخوَّةَ بين المسلمين تقتضي إيصالَ
الخير إليهم ودفع الضرر عنهم.
5 أنَّه يحرم على المسلم لأخيه ظلمه وخذلانه
واحتقاره والكذب عليه.
6 بيان خطورة احتقار المسلم لأخيه، وأنَّ ذلك كافٍ
للمحتقِر من الشرِّ، وإن لم يكن عنده شرٌّ سواه.

ص -121- 7 أنَّ الميزانَ في
التفاضل بين الناس التقوى، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
8 أنَّ التقوى محلُّها القلب، كما في هذا الحديث، وكما في
قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى
الْقُلُوبِ}
9 أنَّ التقوى في القلوب تظهر آثارُها على الجوارح، وبصلاح القلوب
يصلح بقيَّة الجسد.
10 تحريم الاعتداء على المسلمين في دمائهم وأموالهم
وأعراضهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:56 pm

الحديث السادس والثلاثون
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم قال: "مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب الدنيا نَفَّس اللهٌ
عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في
الدنيا والآخرة، ومَن سَتَرَ مسلماً ستره اللهُ في الدنيا والآخرة، واللهُ في عَون
العبد ما كان العبدُ في عون أخيه، ومَن سَلَكَ طريقاً يَلتمس فيه علماً سَهَّلَ
اللهُ له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ
الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ نزلت عليهم السكينةُ، وغَشيتهم الرحمةُ، وحفَّتهم
الملائكةُ، وذكَرَهم الله فيمَن عنده، ومَن بَطَّأَ به عملُه لَم يُسرع به
نسبُه"رواه مسلم بهذا اللفظ.
1 قوله: "مَن نَفَّس عن مؤمن كُربةً مِن كُرَب
الدنيا نَفَّس اللهٌ عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة"، الكُربةُ هي الشدَّة
والضيق، وتنفيسها إزالتُها، والجزاء على تنفيس كربة في الدنيا أن ينفَّس عنه كُربة
من كُرب

ص -122- يوم القيامة، والجزاءُ من جنس العمل، ولا شكَّ أنَّ الجزاءَ
فيه أعظم؛ لشدَّة كُرَب يوم القيامة وعظم الفائدة للمكروب في تنفيسها.
2 قوله:
"ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة"، وهذا أيضاً
الجزاءُ فيه من جنس العمل، والعمل هو التيسير على المُعسر، وذلك بإعانته على إزالة
عُسرته، فإن كان مَديناً ساعده بإعطائه ما يقضي به دينه، وإن كان الدَّين له أنظره
إن لم يُبْرئه منه، والإبراء خيرٌ من الإنظار؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ كَانَ
ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ الجزاءَ على التيسير
تيسيرٌ يحصل في الدنيا والآخرة.
3 قوله: "ومَن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا
والآخرة"، وهذا أيضاً العمل فيه ستر في الدنيا، والجزاء عليه سترٌ في الدنيا
والآخرة، والسترُ هو إخفاء العيب وعدم إظهاره، فمَن كان معروفاً بالاستقامة وحصل
منه الوقوع في المعصية نوصِحَ وسُتر عليه، ومَن كان معروفاً بالفساد والإجرام،
فإنَّ السترَ عليه قد يهوِّن عليه إجرامه، فيستمر عليه ويتمادى فيه، فالمصلحةُ في
مثل هذا عدم الستر عليه؛ ليحصل له العقوبة التي تزجره عن العَوْد إلى إجرامه
وعدوانه.
4 قوله: "والله في عون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه"، هذا فيه
الحثُّ على إعانة المسلم أخاه المسلم، وأنَّه كلَّما حصل منه العون لإخوانه فإنَّه
يحصِّل بذلك عون الله وتسديده، وهي كلمة جامعة من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه
وسلم.
5 قوله: "ومَن سلك طريقاً يلتمسُ فيه علماً سهَّل الله له به
طريقاً

ص -123- إلى الجنَّة"، فيه الحثُّ على طلب العلم الشرعيِّ وسلوك
الطرق الموصلة إلى تحصيله، سواء كان ذلك بالسفر لطلبه؛ أو بالأخذ بأسباب تحصيله، من
اقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها، وملازمة العلماء والأخذ عنهم وغير
ذلك، والجزاء على ذلك من الله تسهيل الطريق التي يصل بها طالب العلم إلى الجنَّة،
وذلك يكون بإعانته على تحصيل ما قصد، فيكون بذلك محصِّلاً للعلم، ويكون أيضاً
بإعانته على العمل بما علمه من أحكام الشريعة، وذلك يفضي به إلى دخول الجنَّة.
6
قوله: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ
نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمَن
عنده"، بيوتُ الله هي المساجد، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف، والمساجد هي أحبُّ
البلاد إلى الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض
البلاد إلى الله أسواقها"رواه مسلم (671)، وفيه الحثُّ على الاجتماع في المساجد
لتلاوة القرآن وتدارسه، ويكون ذلك بقراءة أحد المجتمعين والباقون يسمعون، وبقراءتهم
بالتناوب ليقوِّم بعضُهم بعضاً في القراءة، ويستفيد كلُّ واحد منهم من غيره ما
يحصِّل به إجادة القراءة وتدارك الخطأ إن وُجد، وإذا كان فيهم عالم بتفسيره
علَّمهم، وإن كانوا من أهل العلم فيه تدارسوا معانيه، ورجعوا في ذلك إلى كتب
التفسير في الرواية والدراية المبنية على ما كان عليه سلف هذه الأمَّة، والجزاء على
الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه أربعة أمور، هي: نزول السكينة عليهم
والطمأنينة، وأنَّ الرحمةَ تغشاهم، أي تشملهم وتغطِّيهم، وأنَّ الملائكة تحفُّهم
أي: تحيط بهم، وأنَّ الله تعالى يذكرهم عند الملائكة.

ص -124- 7 قوله: "ومَن
بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه"، المعنى: مَن أخَّره عملُه عن دخول الجنَّة لم يسرع
به نسبه إلى دخول الجنَّة؛ لأنَّ المعتبَر في ذلك الإيمان والتقوى، كما قال الله
عزَّ وجلَّ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، قال ابن رجب في جامع
العلوم والحكم (2/308): "معناه أنَّ العملَ هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما
قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}، فمَن أبطأ به عمله أن يبلغ به
المنازل العالية عند الله تعالى لم يسرع به نسبه فيبلغه تلك الدرجات؛ فإنَّ الله
رتَّب الجزاءَ على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي
الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ}"، إلى أن قال:
"وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
لعمرك ما الإنسان إلاَّ بدينه فلا تترك التقوى
اتِّكالاً على النسب
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارسٍ وقد وضع الشرك النسيبَ أبا
لهب".
8 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 الترغيب في تنفيس الكرب في الدنيا،
وأنَّ الله تعالى ينفِّس بها كرب يوم القيامة.
2 أنَّ الجزاء من جنس العمل،
فالعمل تنفيس كربة، والجزاء تنفيس كربة.
3 الترغيب في التيسير على المعسرين،
وأنَّ الجزاء عليه تيسير في الدنيا والآخرة.
4 الترغيب في ستر العيوب حين تكون
المصلحة في سترها، وأنَّ الجزاء عليها ستر في الدنيا والآخرة.

ص -125- 5
الحثُّ على إعانة المسلم أخاه المسلم، وأنَّه كلَّما حصل منه العون لإخوانه فإنَّه
يحصِّل بذلك عون الله وتسديده.
6 بيان فضل طلب العلم الشرعي.
7 فضل الاجتماع
في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه.
8 أنَّ الإيمانَ والعمل الصالح سبب دخول
الجنَّة وبلوغ الدرجات العالية عند الله عزَّ وجلَّ.
9 أنَّ شرف النَّسب بدون
عمل صالح لا يفيد صاحبَه عند الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:57 pm

الحديث السابع والثلاثون
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِّه تبارك وتعالى قال: "إنَّ الله كتب
الحسنات والسيِّئات، ثم بيَّن ذلك، فمَن هَمَّ بحسنة فلَم يعملها كتبها الله عنده
حسنةً كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى
أضعاف كثيرة، وإن همَّ بسيِّئة فلَم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ
بها فعملها كتبها الله سيِّئة واحدة" رواه البخاري ومسلم في صحيحهما بهذه
الحروف.
1 قوله: "إنَّ الله كتب الحسنات والسيِّئات، ثم بيَّن ذلك ..."إلخ،
يُحتمل أن يكون المراد بالكتابة تقدير الله عزَّ وجلَّ للأعمال والجزاء عليها على
هذا التفصيل، ويُحتمل أن يُراد به كتابة الملائكة للحسنات والسيِّئات بأمر الله
عزَّ وجلَّ، كما قال: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ

ص -126- لَدَيْهِ
رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، ويدلُّ لهذا ما جاء في حديث أبي هريرة في كتاب التوحيد من صحيح
البخاري: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيِّئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها
فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة"، ولا تنافي بين
الكتابَتين؛ فإنَّ كلاًّ منهما حاصل.
2 قوله: "فمَن هَمَّ بحسنة فلَم يعملها
كتبها الله عنده حسنةً كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى
سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة"، أكَّد كتابة الحسنة إذا همَّ بها ولم يعملها
بأنَّها كاملة؛ لئلاَّ يُتوهَّم نقصانها؛ لأنَّها في الهمِّ لا في العمل، وبيَّن
أنَّ المضاعفة في الفعل إلى عشرة أضعاف، وإلى ما هو أكثر من ذلك، وذلك من فضل الله
عزَّ وجلَّ وإحسانه إلى عباده، وفيه مضاعفة الجزاء على العمل، دون الجزاء على
الهمِّ، وهو واضح، وأمَّا حديث: "نيَّةُ المؤمن خيرٌ من عمله" فهو ضعيف، ذكر ذلك
الحافظ في الفتح (4/219)، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني (2789).
3 قوله: "وإن
همَّ بسيِّئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها
الله سيِّئة واحدة"، وُصفت الحسنةُ على ترك المعصية المهموم بها بأنَّها كاملة؛
لئلاَّ يُتوهَّم نقصانها، ووُصفت السيِّئة المعمولة بواحدة؛ لئلاَّ يُتوهَّم
زيادتها، وهذا من فضل الله وعدله، والثواب على ترك السيِّئة التي همَّ بها يحصل إذا
كان تركها من أجل الله، أمَّا إذا كان حريصاً على فعل السيِّئة وقلبه متعلِّق بها،
وهو مُصمِّم على فعلها لو قدر على ذلك، فهو مؤاخَذٌ على ذلك، قال ابن كثير في
تفسيره عند تفسير قوله تعالى من سورة الأنعام: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ

ص -127- عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا
يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} "واعلم أنَّ تاركَ السيِّئة الذي
لا يعملها على ثلاثة أقسام: تارة يتركها لله، فهذا تُكتب له حسنة على كفِّه عنها
لله تعالى، وهذا عمل ونيَّة، ولهذا جاء أنَّه يُكتب له حسنة، كما جاء في بعض ألفاظ
الصحيح: "فإنَّه تركها من جرائي"، أي: من أجلي، وتارة يتركها نسياناً وذهولاً عنها،
فهذا لا له ولا عليه؛ لأنَّه لم يَنْوِ خيراً ولا فَعَلَ شرًّا، وتارة يتركها
عَجزاً وكسلاً عنها بعد السعي في أسبابها والتلبُّس بما يقرب منها، فهذا بمنزلة
فاعلها، كما جاء في الحديث الصحيح عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إذا
التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا
القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنَّه كان حريصاً على قتل صاحبه".
4 مِمَّا
يُستفاد من الحديث:
1 إثبات كتابة الحسنات والسيِّئات.
2 أنَّ من فضل الله
عزَّ وجلَّ مضاعفة ثواب الحسنات.
3 من عدل الله عزَّ وجلَّ ألاَّ يُزاد في
السيِّئات.
4 أنَّ الله يُثيب على الهمِّ بالحسنة إذا لم يعملها بكتابتها حسنة
كاملة.
5 أنَّ مَن همَّ بسيِّئة وتركها من أجل الله يكتب له بتركها حسنة
كاملة.
6 الترغيب في فعل الحسنات والترهيب من فعل السيِّئات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:58 pm

ص -128- الحديث الثامن والثلاثون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله تعالى قال: مَن عادى لي وليًّا فقد
آذنتُه بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مِمَّا افترضته، ولا يزال
عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحبَبْتُه كنتُ سمعَه الذي يَسمع به،
وبصرَه الذي يُبصر به، ويدَه التي يَبطشُ بها، ورِجلَه التي يَمشي بها، ولئن سألني
لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه"رواه البخاري.
1 قوله: "من عادى لي وليًّا
فقد آذنتُه بالحرب"، هذا الحديث من الأحاديث القدسية التي يرويها الرسول صلى الله
عليه وسلم عن ربِّه، وقد أفرد الشوكاني شرحه في كتاب سمَّاه"قطر الوَلْي بشرح حديث
الولي"، وأولياء الله عزَّ وجلَّ هم المؤمنون المتَّقون، كما قال تعالى: {أَلا
إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ
آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ومعنى"آذنتُه بالحرب"أعلمته أنَّني محاربٌ له، وهو
يدلُّ على خطورة معاداة أولياء الله، وأنَّه من الكبائر.
2 قوله: "وما تقرَّب
إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مِمَّا افترضت عليه"في هذه الجملة وما بعدها بيان أنَّ
ولاية الله إنَّما تحصل بالتقرُّب إليه بأداء الفرائض، والإتيان مع ذلك بالنوافل،
وهو يدلٌُّ على أنَّ التقرُّبَ بأداء الفرائض أحبُّ إلى الله من النوافل؛ لأنَّ في
ذلك فعل ما أوجب الله وترك ما حرَّم الله، والآتي بالواجبات التارك للمحرَّمات هو
المقتصد، ومَن أتى بها وأتى بالنوافل معها فهو السابق بالخيرات.

ص -129- 3
قوله: "ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه"إلخ، النوافل هي الإتيان
بالأعمال الصالحة زيادة على الفرائض، وفعلها مع الاستمرار عليها يجلب محبَّة الله
عزَّ وجلَّ، وإذا حصلت له المحبَّة ظفر بتسديد الله في تصرفاته، فلا يسمع إلاَّ ما
هو حق، ولا يرى إلاَّ ما هو حق، ولا ينال إلاَّ ما هو حق، ولا يَمشي إلاَّ إلى ما
هو حق، وأكرمه الله بإجابة دعوته إذا دعاه، وإعاذته مِمَّا استعاذه منه.
4
مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 بيان فضل أولياء الله، وشدَّة خطر معاداتهم.
2
أنَّ ولايةَ الله عزَّ وجلَّ تحصل بأداء الفرائض وفعل النوافل.
3 أنَّ أحبَّ ما
يُتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ به أداء الفرائض.
4 إثبات صفة المحبَّة لله عزَّ
وجلَّ.
5 تفاوت الأعمال في محبَّة الله إيَّاها.
6 أنَّ فعل النوافل بعد أداء
الفرائض يجلب محبَّة الله عزَّ وجلَّ.
7 أنَّ من ظفر بمحبَّة الله عزَّ وجلَّ
سدَّده في سمعه وبصره وبطشه ومشيه.
8 أنَّ محبَّة الله عزَّ وجلَّ تجلب للعبد
إجابة دعائه وإعاذته مِمَّا يخاف.
9 أنَّ ثوابَ الله عزَّ وجلَّ للعبد يكون
بإجابة مطلوبه والسلامة من مرهوبه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 1:58 pm

ص -130- الحديث التاسع والثلاثون
عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله تجاوز لي عن أمَّتي الخطأ
والنسيان وما استُكرهوا عليه" حديث حسن، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.
1
أمَّةُ نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم أمَّتان: أمَّة دعوة وأمَّة إجابة، فأمَّة
الدعوة هم كلُّ إنسيٍّ وجنيٍّ من حين بعثته إلى قيام الساعة، وأمَّة الإجابة هم
الذين وفَّقهم الله للدخول في دينه الحنيف وصاروا من المسلمين، والمراد من الأمَّة
في هذا الحديث أمَّة الإجابة، ومن أمثلة أمَّة الدعوة قوله صلى الله عليه وسلم:
"والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يَموت
ولم يؤمن بالذي أُرسلتُ به إلاَّ كان من أصحاب النار"رواه مسلم (153).
والخطأ:
فعل الشيء من غير قصد، والنسيان: أن يكون ذاكراً لشيء فينساه عند الفعل، والإكراه:
الإلجاء على قول أو فعل، والإثم مرفوع في هذه الثلاثة؛ وقد جاءت الأدلة من كتاب
الله عزَّ وجلَّ على رفع ذلك، قال الله عزَّ وجلَّ: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ
نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، قال الله: "قد فعلت"أخرجه مسلم (126)، وقال: {وَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ
قُلُوبُكُمْ}، وقال: {ِإلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ
وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً} وأمَّا ما أتلفه لغيره فهو مضمون،
كالقتل خطأ تجب فيه الدية مع الكفارة، وإذا أُكره على الزنا أو قَتْل معصوم فلا
يجوز له ذلك؛ فلا يستبقي حياته بقتل غيره.

ص -131- 2 مِمَّا يُستفاد من
الحديث:
1 بيان سعة رحمة الله وفضله وإحسانه إلى عباده؛ حيث رفع عنهم الإثم في
هذه الثلاثة.
2 رفع المؤاخذة على الخطأ، فإن كان الخطأ في ترك واجب فَعَلَه، وإن
كان في إتلاف حقٍّ لغيره ضمنه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:00 pm

الحديث الأربعون
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أخذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن
عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا
تنتظر المساء، وخذ من صحَّتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" رواه البخاري.
1 في أخذ
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكب عبد الله بن عمر تنبيه وحثٌّ له على وعي ما
يُلقى عليه في هذه الحال، وإخبار عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بذلك يدلُّ على
ضبطه وإتقانه ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ فيه تذكُّر الحالة
التي حصلت عند سماعه هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2 قوله: "كن
في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل"، الغريب هو المقيم في غير بلده لقضاء حاجة،
يستعدُّ لمغادرة ذلك البلد متى تَمكَّن من ذلك، وعابر السبيل هو المسافر الذي
يَمرُّ بالبلاد مروراً دون إقامة

ص -132- بها حتى ينتهي من سفره، ودار
الغربة وعبور السبيل في هذا الحديث هي الدنيا، والسير فيها للآخرة، وذلك إنَّما
يكون بتذكُّر الموت وقصر الأمل والاستعداد فيها للآخرة بالأعمال الصالحة، كما قال
الله عزَّ وجلَّ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، وقد ذكر
البخاري في صحيحه (11/235 مع الفتح) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّه قال:
"ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكلِّ واحدة منهما بَنون، فكونوا من
أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإنَّ اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب
ولا عمل"، وقد أوضح النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مثل هذه الحياة الدنيا وانتهائها،
وأنَّها ليست بدار قرار بقوله صلى الله عليه وسلم: "ما لي وللدنيا، ما أنا في
الدنيا إلاَّ كراكب استظلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها" رواه الترمذي (2377) وغيره،
وقال: "حديث حسن صحيح".
3 قوله: "وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا
أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء"، فيه مبادرة أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى تنفيذ وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه فضل عبد
الله بن عمر رضي الله عنه؛ فإنَّه مع تنفيذه ما وصَّاه به رسول الله صلى الله عليه
وسلم يرشد غيرَه إلى تنفيذ ذلك، والمعنى أنَّ المسلمَ يكون مترقِّباً الموت، فهو
يستعدُّ له بالعمل الصالح دون كسل أو تأخير، ويعمل الصالحات في نهاره كأنَّه لا
يُدرك المساء، وفي ليله كأنَّه لا يدرك الصباح، وفي ترجمة منصور بن زاذان في تهذيب
الكمال: قال هُشيم بن بَشير الواسطي: "لو قيل لمنصور بن زاذان: إنَّ ملَك الموت على
الباب ما كان عنده زيادة في العمل".
4 قوله: "وخذ من صحَّتك لمرضك، ومن حياتك
لموتك"، المعنى أنَّ المسلمَ يُبادر إلى الأعمال الصالحة، حيث يكون متمكِّنا منها،
وذلك

ص -133- في حال صحَّته قبل أن يأتيه ما يعوقه من ذلك كالمرض والكبر،
وأن يعمُر حياتَه بالأعمال الصالحة قبل أن يفجأه الموت، فينتقل من دار العمل إلى
دار الجزاء.
5 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 الحثُّ على استشعار الغربة في هذه
الحياة؛ ليستعدَّ فيها بالأعمال الصالحة.
2 فعل المعلِّم ما يلفت نظر المتعلِّم
إلى وعي ما يلقى عليه؛ لقول عبد الله بن عمر: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمنكبي".
3 مبادرة الصحابة إلى تنفيذ وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4
فضل عبد الله بن عمر بأخذه بوصية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وحث غيره
عليها.
5 الحثُّ على المبادرة إلى الأعمال الصالحة دون كسل أو
تأخير.

جمع الفقير إلى الله جل و علا :
أبو حارثة الأثري اليمني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:01 pm

يـــــــــتـــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــــــــــــع................
الجزء الخامس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -4-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابـــر أهل الحديث والأثــر :: المنبر الاسلامي :: منبرالاحاديث النبوية-
انتقل الى: