منابـــر أهل الحديث والأثــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اتباع أهل الحديث والأثر في فهم النصوص
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:03 pm

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا الجزء الخامس و الاخير من فت القوي المتين في شر الأربعين و تتمة الخمسين للنووي و ابن رجب

الحديث الواحد والأربعون
عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤمن أحدُكم حتى يكون
هواه تَبَعاً لِمَا جئتُ به" حديث صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.
1
الحديث صحَّحه النووي وعزاه إلى كتاب الحجة، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم
(2/293): "يريد بصاحب كتاب الحجة الشيخ أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي
الفقيه الزاهد نزيل

ص -134- دمشق، وكتابه هذا هو كتاب الحجة على تاركي
المحجة، يتضمَّن ذكر أصول الدين على قواعد أهل الحديث والسنة، وقد خرَّج هذا الحديث
الحافظ أبو نعيم في كتاب الأربعين وشرط في أولها أن تكون من صحاح الأخبار وجياد
الآثار مِمَّا أجمع الناقلون على عدالة ناقليه، وخرَّجته الأئمة في مسانيدهم"، ثم
إنَّ الحافظ ابن رجب ضعَّفه، وبيَّن وجوه تضعيفه، وأمَّا الحافظ ابن حجر فقد أشار
في الفتح (13/289) إلى ثبوته، وجعله من حديث أبي هريرة، فقال: "وأخرج البيهقي في
المدخل وابن عبد البر في بيان العلم عن جماعة من التابعين، كالحسن وابن سيرين
وشُريح والشعبي والنخعي بأسانيد جياد ذمّ القول بالرأي المجرَّد، ويجمع ذلك كلَّه
حديثُ أبي هريرة "لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تَبَعاً لِمَا جئتُ به"، أخرجه
الحسن بن سفيان وغيرُه، ورجاله ثقات، وقد صححه النووي في آخر الأربعين".
2 نفيُ
الإيمان في الحديث نفيٌ للكمال الواجب، قال النووي في شرح الأربعين: "أي: أنَّ
الشخصَ يجب عليه أن يعرضَ عملَه على الكتاب والسنة، ويخالف هواه ويتبع ما جاء به
صلى الله عليه وسلم، وهذا نظير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا
مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فليس لأحد مع الله عزَّ وجلَّ ورسوله صلى الله عليه
وسلم أمر ولا هوى".
3 قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/398 399): "والمعروف
في استعمال الهوى عند الإطلاق أنَّه الميل إلى خلاف الحق، كما في قوله عزَّ وجلَّ:
{وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، وقال

ص -135-
تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}، وقد يطلق الهوى بمعنى المحبَّة والميل
مطلقاً، فيدخل فيه الميلُ إلى الحقِّ وغيره، وربَّما استعمل بمعنى مَحبة الحقِّ
خاصة والانقياد إليه، وسُئل صفوان بن عسال: هل سمعتَ من النَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم يذكر الهوى؟ فقال: سأله أعرابيٌّ عن الرجل يُحب القومَ ولم يلحق بهم؟ فقال:
"المرء مع من أحبَّ"، ولَمَّا نزل قولُه عزَّ وجلَّ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ
مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} قالت عائشة للنَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم: "ما أرى ربَّك إلاَّ يُسارع في هواك" وقال عمر في قصة المشاورة في أسارى بدر:
"فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولَم يهو ما قلتُ" وهذا الحديث
مِمَّا جاء استعمال الهوى فيه بمعنى المحبة المحمودة".
4 مِمَّا يُستفاد من
الحديث:
1 وجوب اتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.
2 تفاوت
الناس في الإيمان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:03 pm

الحديث الثاني والأربعون
عن أنس رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم! إنَّك ما دعوتَني
ورجوتنِي غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبُك عَنان
السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك، يا ابن آدم! إنَّك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم
لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة"رواه الترمذي وقال: "حديث
صحيح".

ص -136- 1 هذا الحديث هو آخر الأحاديث التي أوردها النووي رحمه الله
في كتابه الأربعين، وقد زادت على الأربعين حديثين، فيكون إطلاق الأربعين عليها من
تغليب اللفظ وحذف الكسر الزائد في العدد، وهو من الأحاديث القدسية التي يرويها رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن ربِّه تبارك وتعالى.
2 الخطابُ في الحديث لبني آدم،
وهو مشتملٌ على أنَّ من أسباب مغفرة الذنوب دعاء الله ورجاءه مغفرةَ الذنوب
والاستغفار منها والإخلاص لله والسلامة من الشرك، ومعنى مغفرة الذنوب سترها عن
الخلق والتجاوز عنها، فلا يُعاقب عليها.
3 قوله: "يا ابن آدم! إنَّك ما دعوتَني
ورجوتنِي غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي"، دعاء العبد ربّه مغفرة ذنوبه، ورجاؤه
ذلك منه دون يأس، مع التوبة من الذنوب يحصل به من الله المغفرة ولو عظُمت الذنوب
وكثرت وتكرَّرت، ولهذا قال: "على ما كان منك ولا أبالي"، ونظير هذا قول الله عزَّ
وجلَّ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا
مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
4 قوله: "يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبُك عَنان السماء ثم
استغفرتني غفرتُ لك"، لو كثرت ذنوب العبد حتى بلغت عَنان السماء، أي: بلغت السماء
أو ما دون ذلك كالسحاب أو ما يبلغه بصر الناظر إلى فوق، ثم حصل من العبد الاستغفار
مع التوبة من جميع الذنوب، فإنَّ الله تعالى يغفر تلك الذنوب ويتجاوز عنها، والتوبة
تكون بالإقلاع من الذنب، والندم على ما فات، والعزيمة في المستقبل على ألاَّ يعود
إليه،

ص -137- ومع هذه الثلاثة، فإن كان الذنب في حقِّ الله عزَّ وجلَّ وفيه
كفَّارة، أتى بالكفارة، وإن كان في حق للآدميِّين، أدَّى حقوقهم إليهم أو تحلَّلهم
منها.
5 قوله: "يا ابن آدم! إنَّك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا
تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة"، الشركُ بالله عزَّ وجلَّ هو الذنب الذي لا
يغفره الله، وكلُّ ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عن صاحبه ولم
يعذبه، وإن شاء عذَّبه وأدخله النار، ولكنه لا يُخلَّد فيها خلود الكفار، بل لا
بدَّ أن يخرج منها ويدخل الجنَّة، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، في
آيتين من سورة النساء، وفي هذا الحديث بيان أنَّ الذنوبَ ولو بلغت في الكثرة ما
بلغت، فإنَّ الله يتجاوز عنها، بشرط كون العبد مخلصاً عبادته لله، سليماً من
الإشراك به.
6 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 سعة فضل الله عزَّ وجلَّ ومغفرة
ذنوب عباده.
2 من أسباب مغفرة الذنوب دعاء الله ورجاؤه من غير يأس.
3 فضل
الاستغفار مع التوبة، وأنَّ الله يغفر للمستغفر ذنوبه ولو بلغت في الكثرة ما
بلغت.
4 أنَّ الشركَ بالله هو الذنب الذي لا يُغفر، وأنَّ ما سواه تحت مشيئة
الله.
5 فضل الإخلاص، وأنَّ الله يُكفِّر به الذنوب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:04 pm

ص -138- الحديث الثالث والأربعون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض
فلأولى رجل ذكَر" خرَّجه البخاري ومسلم.
1 هذا الحديث هو أوَّلُ الأحاديث
الثمانية التي زادها الحافظ ابن رجب رحمه الله، فأكمل العدة خمسين على ما جمعه
الإمام النووي رحمه الله في الأحاديث الأربعين، ويُلاحظ أنَّ الحافظ ابن رجب عند
ذكر الذين رووا الأحاديث من الأئمة يُعبّر ب"خرَّجه"، ويُعبِّر أيضاً ب"رواه"،
وأمَّا النووي فكان تعبيره ب"رواه"، ولا فرق بين التعبيرين؛ لأنَّ معناهما
واحد.
2 هذا الحديث أصلٌ في قسمة المواريث، والمراد بالفرائض الفرائض المقدَّرة
في كتاب الله، وهي ستة، وهي: الثلثان، والثلث، والسدس، والنصف، والربع، والثمن،
ويُقال فيها اختصاراً: الثلثان، والنصف، ونصفهما، ونصف نصفهما، أو يُقال: الثمن،
والسدس، وضعفهما، وضعف ضعفهما، أو يُقال: الثلث، والربع، وضعف كلٍّ، ونصفه، والمراد
الفروض المقدَّرة وما جاء معها في القرآن من الإرث بغير تقدير، في حال اجتماع
الأولاد والإخوة لغير أم، ففي حال اجتماع الأولاد إذا كانوا ذكوراً وإناثاً
فللذَّكَر مثل حظِّ الأنثيين، وإن كانوا إناثاً لا ذكور معهنَّ، فللثنتين فأكثر
الثلثان، وللبنت الواحدة النصف، هذا إذا كنَّ في درجة واحدة، كالبنات وبنات
الأبناء، فإن كنَّ في درجتين وكان البنات ثنتين فأكثر لم يكن لبنات الابن شيء؛
لاستيعاب البنات الثلثين،

ص -139- وإن كانت البنت واحدة فلها النصف، ولابنة
الابن أو بناته السدس تكملة الثلثين؛ لثبوت السنة في ذلك عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، رواه البخاري (6736)، أمَّا إذا كان الأولاد ذكوراً خُلَّصاً، سواء
كانوا أبناء أو أبناء بنين عند فقد الأبناء، فإنَّ الواحدَ منهم يحوز الميراث
كلَّه، والجمع يقتسمونه بينهم بالسوية، ويُقال أيضاً في ميراث الإخوة الأشقاء
والإخوة لأب ما قيل في ميراث الأولاد من تقديم الإخوة الأشقَّاء على الإخوة لأب،
فيقتسم الذكور الخُلَّص الميراث بالسوية، فإن كانوا ذكوراً وإناثاً فللذَّكر مثل
حظِّ الأنثيين، والواحدة منهنَّ لها النصف، والاثنتان فأكثر لهما الثلثان، ويكون
ميراث الإخوة لأب مثل ميراث الإخوة الأشقاء عند فقدهم، وإذا وُجد أخت شقيقة أخذت
النصف، وللأخوات لأب معها السدس تكملة الثلثين، سواء كنَّ واحدة أو أكثر، وأمَّا
الأبوان فلكلِّ واحد منهما السدس إذا كان للميت ولد، وإن كان الولد إناثاً فإنَّ
الأبَ يأخذ الباقي تعصيباً، وإذا لم يكن للميت ولد فإنَّ الأمَّ تأخذ الثلث،
والباقي للأب، إلاَّ أنَّه في هذه الحالة إذا كان مع الأبوين أحد الزوجين فإنَّ
الأمَّ تأخذ ثلث ما يبقى بعد فرض أحد الزوجين، ويُقال لهاتين المسألتين العُمريتان؛
لقضاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك.
وإذا كان للميت إخوة،
سواء كانوا أشقَّاء أو لأب أو لأم، فإنَّ ميراث الأم يكون السدس، والجد أبو الأب
يرث ميراث الأب عند فقده، والجدَّة عند فقد الأم ترث السدس، سواء كانت الجدة من قبل
الأم أو من قبل الأب، وعند اجتماع الجدَّات الوارثات يشتركن في السُدُس، وأمَّا
الإخوة لأم فميراث الواحد منهم السُدس إذا لم يكن

ص -140- للميت فرع وارث أو
أصل من الذكور وارث، وإن كانوا أكثر من واحد، سواء كانوا ذكوراً خلَّصاً، أو إناثاً
خلَّصاً، أو ذكوراً وإناثاً، اشتركوا في الثلث بالسوية، لا فرق في ذلك بين ذكورهم
وإناثهم، وأمَّا ميراث الزوجين، فالزوج يرث النصف إذا لم يكن للميت فرع وارث، فإن
وُجد كان له الربع، والزوجة ترث الربع إذا لم يكن للميت فرع وارث، فإن وُجد كان لها
الثمن، وإن كنَّ أكثر من زوجة اشتركن في الربع أو الثمن.
قد ذكر الله عزَّ وجلَّ
في كتابه العزيز قسمة المواريث في ثلاث آيات: الآية الأولى قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ
اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} الآية، وهي في ميراث عَمودَي النسب، أصول الميت وفروعه،
والآية الثانية قوله: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الآية، وهي في
ميراث الزوجين والإخوة لأم، والآية الثالثة قوله تعالى في آخر آية من سورة النساء:
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} الآية، وهي في ميراث
الإخوة الأشقاء والإخوة لأب.
3 مِمَّا تقدَّم يتبيَّن أنَّ الأبناءَ وأبناءَ
الأبناء وإن نزلوا إذا كان معهم إناث اشتركوا في الميراث: للذَّكر مثل حظِّ
الأنثيين، وكذلك الإخوة الأشقاء والإخوة لأب تشترك معهم أخواتهم: للذَّكر مثل حظِّ
الأنثيين، وأمَّا أبناء الإخوة لأم فليس لهم نصيب في الميراث، وأمَّا أبناء الإخوة
الأشقاء والإخوة لأب وكذلك الأعمام وإن علوا أو أبناء الأعمام وإن نزلوا، فإنَّ
ذكورَهم يستقلُّون بالميراث عن أخواتهم؛ لأنَّ الإناث منهم لا يُفرض لهنَّ عند
الانفراد، فكذلك لا ميراث لهنَّ عند الاجتماع، ويختصُّ

ص -141- الذكور منهم
بالميراث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض
فلأولى رجل ذكر".
وإذا كان للميت بنت أو بنات وأخت شقيقة أو شقيقات وله أيضاً
إخوة لأب، فإنَّ الإخوة لأب لا يرثون؛ وترث الشقيقة أو الشقيقات ما زاد على فرض
البنات تعصيباً مع الغير؛ لثبوت السنَّة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
رواه البخاري (6741)، و(6742)، فيكون ذلك مستثنى من حديث: "ألحقوا الفرائض بأهلها،
فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر"؛ لأنَّ الشقيقات أقربُ إلى الميت من الإخوة
لأب.
4 فائدة ذِكر الذَّكر بعد الرجل في قوله: "فلأولى رجل ذكر" أنَّ الرَّجل هو
الذي يكون كبيراً وفيه نجدة وقوة، فأضيف إليه لفظ"ذكر" لبيان أنَّ الميراث منوطٌ
بالذكورة لا بالرجولة والقوة، فيتساوى في ذلك مَن يكون كبيراً جدًّا ومن يكون
صغيراً جدًّا.
5 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 كمال الشريعة واشتمالها على
قواعد كليَّة عامة، كما جاء في هذا الحديث.
2 تقديم من يرث بالفرض فيُعطى
ميراثه، وما بقي يكون لِمَن يرث بغير تقدير.
3 بناء على هذا الحديث يكون الراجح
في مسألة الجد والإخوة اختصاص الجدِّ بالميراث دون الإخوة؛ لأنَّه أصل، والإخوة
يرثون كلالة، والجدُّ مثل الأب، فيستقلُّ بالميراث دونهم، وأيضاً يكون الراجح تقديم
الإخوة لأم على الإخوة الأشقاء في مسألة المشرَّكة؛ لأنَّ الإخوة لأم

ص
-142- يرثون بالفرض، والأشقاء يرثون بالتعصيب، وصاحب الفرض يُعطَى فرضه، ويأخذ
الذين يرثون بالتعصيب ما بقي إن بقي بعد الفروض شيء، وإلاَّ سقطوا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:05 pm

الحديث الرابع والأربعون
عن عائشة رضي الله عنها، عن النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم قال: "الرَّضاعة تحرِّم ما تحرِّم الولادة" خرَّجه البخاري
ومسلم.
1 جاء في القرآن الكريم تحريم الأمَّهات المرضعات والأخوات من الرضاعة في
قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ
الرَّضَاعَةِ}، وجاءت السنَّة بهذا الحديث وما في معناه بأنَّ الرَّضاعة تحرِّم ما
تحرِّم الولادة، فكلُّ ما حرُم بالنَّسب يحرم بالولادة مثلُه، فإذا ارتضع طفلٌ من
امرأة صارت أمًّا له من الرضاعة وصار أبوها وأجدادها آباء له من الرضاعة، وأمُّها
وجداتها أمهاتٍ له من الرضاعة، وإخوانها أخوالاً له من الرضاعة، وأخواتها خالات له
من الرضاعة، وأولادها سواء كانوا من زوج واحد أو أزواج إخوة له من الرضاعة، وأيضاً
يكون زوج المرأة المرضعة الذي رضع من لبنه أباً له من الرضاعة، وأبوه وأجداده آباء
له من الرضاعة، وأمُّه وجداتُه أمهات له من الرضاعة، وإخوانه وأخواته أعماماً
وعمَّات له من الرضاعة، وأولاده من زوجات متعددات إخوة له من الرضاعة، وزوجاته
زوجات أب من الرضاعة، وهكذا كلُّ ما حرُم من النسب فإنَّه يحرم ما يماثله من
الرضاعة.

ص -143- 2 الرضاع الذي يكون به التحريم ما بلغ خمس رضعات فأكثر،
وكان في الحولين، فإن نقص عن الخمس فإنَّه لا يحصل به التحريم، كما أنَّ رضاع
الكبير لا يحصل به التحريم، وما جاء في قصة سالم مولى أبي حذيفة أخرجه مسلم (1453)،
فهو مقصور عليه لا يتعدَّاه إلى غيره، ومِمَّا يوضح أنَّ رضاع الكبير لا يُعتبر؛
لأنَّه لا يحصل به التغذية، أنَّ بإمكان كلِّ امرأة تريد أن تتخلَّص من زوجها أن
تحلب في كأس من ثديها ما يبلغ خمس رضعات فأكثر، ثم تسقيه زوجها وهو لا يشعر، وتقول
له بعد ذلك: أنا لا أحل لك؛ لأنَّك ابني من الرضاعة.
3 مِمَّا يُستفاد من
الحديث:
1 كمال الشريعة واشتمالها على قواعد كليَّة عامة، كما جاء في هذا
الحديث.
2 أنَّ كلَّ امرأة حرُمت من النسب يحرم ما يُماثلها من
الرضاعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:05 pm

الحديث الخامس والأربعون
عن جابر بن عبد الله أنَّه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول: "إنَّ الله ورسوله حرَّم بيع الخمر
والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيتَ شحوم الميتة، فإنَّه يُطلى
بها السفن، ويُدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ قال: لا! هو حرام، ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: قاتلَ الله اليهودَ؛ إنَّ الله حرَّم عليهم الشحوم،
فأجملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه"خرَّجه البخاري ومسلم.

ص -144- 1 قوله:
"إنَّ الله ورسوله حرَّم"، جاء لفظ الفعل" حرَّم"بالإفراد، وجاء بالتثنية،
وجاء"إنَّ الله حرَّم"، وجاءت التثنية في الضمير الذي يعود إلى الله ورسوله في
حديث: "ثلاث مَن كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه
مِمَّا سواهما ..."الحديث أخرجه البخاري (16)، ومسلم (67)، وعلى هذا يُحمل ما جاء
هنا من إفراد الفعل"حرَّم"على أنَّه يعود إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم، ويكون
التحريم المضاف إلى الله محذوفاً، والتقدير: إنَّ الله حرَّم ورسوله حرَّم، وهو
نظير قول الله عزَّ وجلَّ: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}، أي:
والله أحقُّ أن يُرضوه، ورسوله أحقُّ أن يرضوه، ومثله قول الشاعر:
نحن بما عندنا
وأنت بما عن دك راض والرأي مختلفُ
أي: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك
راض.
2 بيَّن جابر رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرِّم
هذه الأشياء عام الفتح بمكة، ويكون هذا البيان في هذا الوقت وفي هذا المكان بمناسبة
دخول الكفار في الإسلام، وهم يتعاطون هذه المحرَّمات، فأعلمهم أنَّها حرام، وهذا لا
يمنع أن يكون تحريمها قد حصل من قبل.
3 الأول من هذه المحرَّمات الأربع الخمر،
وهي أمُّ الخبائث؛ لأنَّ شاربَها يسعى بشربها لإلحاق نفسه بالمجانين، فيحصل نتيجة
لذلك أنَّه يقع في كلِّ حرام، وقد يكون من ذلك الاعتداء على المحارم، وهي تجلب كلَّ
شرٍّ وتوقع في كلِّ بلاء، ولهذا أُطلق عليها أمُّ الخبائث.
والثانية الميتة،
فيحرم أكلها إلاَّ لضرورة إبقاء الحياة حيث لا يجد

ص -145- غيرَها، ويُستثنى
من ذلك جلدها إذا دُبغ؛ لثبوت السنَّة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه
البخاري (2221)، ومسلم (366).
والثالث: الخنزير، فلا يجوز أكله ولا بيعه، وكلُّ
ما يحرم أكله من الدواب فالميتة والمذكَّى منه سواء.
والرابع: الأصنام، فلا يجوز
بيعها ولا اقتناؤها؛ لأنَّها صُنعت لعبادتها، بل يجب تحطيمها وكسرها، ولا بأس
بالانتفاع بها بعد التكسير في البناء ونحوه؛ لأنَّها لم تبق أصناماً.
4 قال
الحافظ في الفتح (4/425): "قوله: (أرأيتَ شحوم الميتة، فإنَّه يُطلى بها السفن،
ويُدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟) أي: فهل يحلُّ بيعُها لِمَا ذكر من
المنافع؛ فإنَّها مقتضية لصحة البيع، قوله: (فقال: لا، هو حرام)، أي: البيع، هكذا
فسَّره بعض العلماء كالشافعي ومَن اتَّبعه، ومنهم من حمل قوله: (هو حرام) على
الانتفاع، فقال: يحرم الانتفاع بها، وهو قول أكثر العلماء، فلا يُنتفع من الميتة
أصلاً عندهم إلاَّ ما خُصَّ بالدليل، وهو الجلد المدبوغ".
5 قوله: "قاتل الله
اليهود؛ إنَّ الله حرَّم عليهم الشحوم، فأجملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه"، هذا من
حيل اليهود؛ فإنَّ الله لَمَّا حرَّم عليهم الشحوم أجملوها أي: أذابوها، وباعوها
وأكلوا أثمانها، والله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، ولهذا دعا عليهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
6 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 بيان تحريم النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم هذه الأمور الأربعة.
2 بيان النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هذا
التحريم بمكة عام الفتح؛ ليُبادر الذين أسلموا إلى الامتناع من هذه الأربعة،
انتفاعاً وبيعاً.

ص -146- 3 أنَّ ما حرَّم الله فبيعُه حرام وثمنه
حرام.
4 تحريم الحيل التي يُتوصَّل بها إلى استحلال ما حرَّم الله.
5 ذمُّ
اليهود وبيان أنَّهم أهلُ حيَل للوصول إلى استباحة الحرام.
6 تحذير هذه الأمَّة
أن تقع فيما وقعت فيه اليهود من هذه الحيَل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:06 pm

الحديث السادس والأربعون
عن أبي بُردة عن أبيه أبي موسى الأشعري
أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن، فسأله عن أشربة تُصنع بها،
فقال: "ما هي؟ قال: البتْع والمِزْر، فقيل لأبي بردة: وما البتْع؟ قال: نبيذ العسل،
والمِزر نبيذ الشعير، فقال: كلُّ مسكر حرام"خرَّجه البخاري.
1 من الأشربة التي
كانت تُستعمل في اليمن عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري
إليه: البتع، وهو نبيذ العسل، والمِزر: وهو نبيذ الشعير، وقد سأل أبو موسى رضي الله
عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذين الشرابين، فأجابه بجواب جامع يشملهما
ويشمل غيرهما، فقال: "كلُّ مسكر حرام"، فأناط النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم التحريم
بالإسكار، فدلَّ على أنَّ ما أسكر من الأشربة حرام، وما لم يسكر فإنَّه حلال، وفي
صحيح البخاري (5598) عن أبي الجويرية قال: سألت ابن عباس عن الباذق؟ فقال: سبق محمد
صلى الله عليه وسلم الباذق، فما أسكر فهو حرام، قال: الشراب الحلال الطيب، قال: ليس
بعد الحلال الطيب إلاَّ الحرام الخبيث"، وقد ذكر ابن سيده في المحكم أنَّ

ص
-147- الباذق من أسماء الخمر. الفتح (10/63).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أول الأمر حرَّم الانتباذ في أوعية معيَّنة، كما جاء ذلك في حديث وفد عبد
القيس، رواه البخاري (53)، ومسلم (23)، ثم إنَّه صلى الله عليه وسلم جاء عنه ما
ينسخ ذلك في حديث بُريدة بن الحُصيب رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "نهيتُكم عن زيارة القبور فزروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث
فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتُكم عن النبيذ إلاَّ في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلِّها،
ولا تشربوا مسكراً" رواه مسلم (977).
وكلُّ ما أسكر فهو حرام، سواء كان شراباً
أو طعاماً، وسواء كان سائلاً أو جامداً أو دقيقاً أو ورقاً أو غير ذلك، فإنَّ كلَّ
ذلك داخلٌ تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ مسكر حرام".
2 الخمرُ ما خامر
العقل وغطَّاه، فكلُّ ما كان كذلك داخلٌ تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ مسكر
حرام"، وكلُّ شيء أسكر كثيرُه فقليلُه حرام، وذلك سدًّا للذريعة الموصلة إلى
المسكر، وسواء كان ذلك من العنب أو غيرها، وقد جاء عن بعض علماء الكوفة أنَّ القليل
الذي لا يسكر إذا لم يكن من العنب، فشربُه سائغ، وهذا غير صحيح؛ لأنَّه ثبت عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر وغيره رضي الله عنهم أنَّ النَّبيَّ صلى الله
عليه وسلم قال: "ما أسكر كثيرُه فقليلُه حرام" أخرجه أبو داود (3681)، والترمذي
(1865)، وابن ماجه (3393)، وهذا لفظ عام يشمل كلَّ مسكر، سواء كان من العنب أو
غيرها، فلا يجوز تعاطي كلِّ مسكر إلاَّ إذا كان شيئاً يسيراً لدفع غصَّة.

ص
-148- 3 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة
الأحكام الشرعية.
2 كمال الشريعة واشتمالها على قواعد كليَّة عامة، كما جاء في
هذا الحديث.
3 تحريم كلِّ مسكر من أيِّ نوع كان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:06 pm

الحديث السابع والأربعون
عن المقدام بن معد يكرب قال: سمعتُ رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم
أكلات يُقمن صلبَه، فإن كان لا محالة، فثُلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ
لنفَسِه"رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: "حديث حسن".
1
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ آدميٌّ وعاء شرًّا من بطن"، الوعاء هو الظرف الذي
يُوضَع فيه الشيء، وشرُّ وعاء مُلئ هو البطن؛ لِمَا في ذلك من التُّخمة، والتسبُّب
في حصول الأمراض، ولِمَا يورثه من الكسل والفتور والإخلاد إلى الراحة.
2 قوله:
"بحسب ابن آدم أكلات يُقمن صلبَه"، المعنى: يكفي ابن آدم عددٌ من الأكلات التي تحصل
بها حياته، وهو معنى قوله: "يُقمن صلبَه"، أي: ظهره، وفي ذلك حثٌّ على التقليل من
الأكل وعدم التوسُّع فيه؛ ليحصلَ للإنسان الخفَّة والنشاط والسلامة من التعرُّض
للأمراض والأسقام التي تنتج عن كثرة الأكل.
ص -149- 3 قوله: "فإن كان لا محالة،
فثُلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفَسِه"، المعنى: إذا لم يكتف الإنسانُ بأكلات
يُقمن صلبَه، وكان لا محالة زائداً عن هذا المقدار فليكن مقدار ما يُؤكل ويُشرب في
حدود ثلثي البطن؛ ليبقى ثلثٌ يُمكن معه التنفس بسهولة.
4 مِمَّا يُستفاد من
الحديث:
1 بيان الأدب الشرعي الذي ينبغي أن يكون عليه الآكلُ في مقدار
أكله.
2 التحذير من ملء البطن؛ لِمَا يجلبه من الأمراض والكسل والخمول.
3
أنَّ الكفايةَ تحصل بما يكون به بقاء الحياة.
4 أنَّه إن كان لا بدَّ من الزيادة
على الكفاية، فليكن في حدود ثلثي البطن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:07 pm

الحديث الثامن والأربعون
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "أربَعٌ مَن كنَّ فيه كان منافقاً، وإن كانت
خصلةٌ منهنَّ فيه كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدَعها؛ إذا حدَّث كذب، وإذا وعد
أخلف، وإذا خاصمَ فجر، وإذا عاهد غدر" خرَّجه البخاري ومسلم.
1 قوله: "أربَعٌ
مَن كنَّ فيه كان منافقاً، وإن كانت خصلةٌ منهنَّ فيه كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى
يدَعها"، المعنى أنَّ مَن وُجدت فيه هذه الخصال الأربع فهو موصوفٌ بالنفاق العملي،
ومَن كان عنده

ص -150- واحدة منها كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدَع هذه
الخصلة، وهذا من كمال بيانه صلى الله عليه وسلم؛ حيث يذكر العدد أوَّلاً، ثم يأتي
بتفصيل المعدود؛ لِمَا في ذلك من حفز السامع إلى الاستعداد والتهيؤ لوعي ما سيُلقى
عليه من هذه الخصال، وليطالب نفسَه بالمعدود، فإن لم يُطابق علم أنَّه فاته
شيء.
2 الخصلة الأولى الكذب في الحديث، وذلك أن يحدِّث غيرَه بحديث هو كاذب فيه،
فيخبر بالشيء على غير حقيقته، وفي ذلك إساءةُ صاحب الحديث إلى نفسه؛ لاتِّصافه بهذا
الخُلق الذميم، وإساءةٌ إلى مَن يحدِّثه بإيهامه أنَّه صادق في حديثه معه، وقد قال
صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصِّدق؛ فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البر، وإنَّ البرَّ
يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق ويتحرَّى الصِّدقَ حتى يُكتب عند الله
صديقاً، وإيَّاكم والكذب؛ فإنَّ الكذبَ يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى
النار، وما يزال الرَّجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّاباً"رواه
مسلم (2607).
الخصلةُ الثانية: إخلاف الوعد، وذلك بأن يَعِدَ عِدةً وفي نيَّته
ألاَّ يفي بها، أمَّا إذا وعد وهو عازمٌ على الوفاء بالوعد، فطرأ له ما يَمنعه من
الوفاء فهو معذور، وقد روى أبو داود (4991) عن عبد الله بن عامر أنَّه قال: "دعتني
أمِّي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال أعطيك،
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردتِ أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمراً،
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمَا إنَّك لو لم تعطه شيئاً كُتبت عليك
كذبة". انظر: الصحيحة للألباني (748).

ص -151- الخصلةُ الثالثة: الفجور في
الخصومة، والمعنى أن يكون الإنسانُ عند الخصومة مع غيره يغضب فيتجاوز العدل إلى
الظلم، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى
أَلاَّ تَعْدِلُوا}، وقال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ
صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} قال الحافظ في الفتح
(1/90): "والفجورُ الميلُ عن الحقِّ والاحتيال في ردِّه"، وقال ابن رجب في جامع
العلوم والحكم (2/486): "فإذا كان الرجل ذا قدرة عند الخصومة سواء كانت خصومته في
الدِّين أو في الدنيا على أن ينتصرَ للباطل، ويخيّل للسامع أنَّه حق، ويوهن الحقَّ
ويخرجه في صورة الباطل، كان ذلك من أقبح المحرَّمات، ومن أخبث خصال
النفاق".
الخصلة الرابعة: الغدر في العهد، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَأَوْفُوا
بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}، وقال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ
اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا
وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً}، قال ابن رجب في جامع العلوم
والحكم (2/487 488): "والغدرُ حرام ٌ في كلِّ عهد بين المسلم وغيره، ولو كان
المعاهَد كافراً، ولهذا في حديث عبد الله بن عمرو عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
(مَن قتل نفساً معاهَداً بغير حقِّها لم يَرَح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من
مسيرة أربعين عاماً) خرَّجه البخاري، وقد أمر الله تعالى في كتابه بالوفاء بعهود
المشركين إذا أقاموا على عهودهم ولم ينقضوا منها شيئاً، وأمَّا عهود المسلمين فيما
بينهم فالوفاء بها أشد، ونقضُها أعظمُ إثماً، ومن أعظمها نقض عهد الإمام على مَن
بايعه ورضي به، وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
(ثلاثةٌ لا يكلِّمهم اللهُ يوم القيامة ولا يزكِّيهم ولهم عذاب أليم ...)

ص
-152- فذكر منهم: (ورجلٌ بايع إماماً لا يُبايعه إلاَّ لدنيا، فإن أعطاه ما يريد
وفَّى له، وإلاَّ لَم يَفِ له)، ويدخل في العهود التي يجب الوفاءُ بها ويحرم الغدرُ
فيها جميعُ عقود المسلمين فيما بينهم إذا تراضوا عليها من المبايعات والمناكحات
وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاء بها، وكذلك ما يجب الوفاءُ به لله عزَّ
وجلَّ مِمَّا يعاهد العبدُ ربَّه عليه من نذر التبرر ونحوه".
3 مِمَّا يُستفاد
من الحديث:
1 أنَّ من حسن التعليم ذكر المعلِّم العدد قبل تفسير المعدود؛ ليكون
أوقعَ في ذهن المتعلِّم.
2 بيان خطورة اجتماع خصال النفاق في الشخص.
3
التحذير من الكذب في الحديث، وأنَّه من خصال النفاق.
4 التحذير من إخلاف الوعد،
وأنَّه من خصال النفاق.
5 التحذير من الفجور في الخصومة، وأنَّه من خصال
النفاق.
6 التحذير من الغدر في العهود، وأنَّه من خصال النفاق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:07 pm

الحديث التاسع والأربعون
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لو أنَّكم توكَّلون على الله حقَّ توكله لرزقكم
كما يرزق الطير، تغدو خماصاً، وتروحُ بطاناً" رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي
وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال الترمذي: "حسن صحيح".

ص -153- 1
- هذا الحديث أصلٌ في التوكُّل على الله عزَّ وجلَّ، مع الأخذ بالأسباب المشروعة،
والأخذ بها لا يُنافي التوكلَ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيِّدُ المتوكِّلين
قد دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
الجمع بين الأخذ بالأسباب والاعتماد على الله بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث
في صحيح مسلم (2664): "احرص على ما ينفعك واستعن بالله"، وحديث عمر رضي الله عنه
هذا فيه الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، والأخذ بالأسباب فيما ذكر عن
الطير؛ لأنَّها تغدو خماصاً، أي خالية البطون لطلب الرزق، وتروح بطاناً، أي مُمتلئة
البطون، ومع أخذ المرء بالأسباب لا يعتمد عليها، بل يعتمد على الله ولا يُهمل الأخذ
بالأسباب ثم يزعم أنَّه متوكِّل، والله قدر الأسباب والمسبَّبات، قال ابن رجب في
جامع العلوم الحكم (2/496 497): "وهذا الحديث أصلٌ في التوكل، وأنَّه من أعظم
الأسباب التي يستجلب بها الرزق، قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ
لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}..."إلى أن قال: "وحقيقةُ التوكل هو صدقُ اعتماد القلبِ
على الله عزَّ وجلَّ في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة
كلِّها، وكِلَةُ الأمور كلِّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنَّه لا يعطي ولا يَمنع ولا
يضر ولا ينفع سواه".
2 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 وجوب التوكل على الله
والاعتماد عليه في جلب كلِّ مطلوب، ودفع كلِّ مرهوب.
2 الأخذ بالأسباب مع التوكل
على الله، وذلك لا يُنافي التوكل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-   فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5- I_icon_minitimeالأحد فبراير 10, 2008 2:08 pm

ص -154- الحديث الخمسون
عن عبد الله بن بُسر قال: "أتى النَّبيَّ
صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: يا رسول الله! إنَّ شرائعَ الإسلام قد كثُرت علينا،
فبابٌ نتمسَّك به جامع؟ قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عزَّ وجلَّ"خرَّجه
الإمام أحمد بهذا اللفظ، وخرَّجه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه بمعناه،
وقال الترمذي: "حسن غريب".
1 - سؤال هذا الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثال من الأمثلة الكثيرة في سؤال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمور
الدِّين، وكلُّ ذلك دالٌّ على فضلهم ونبلهم وسبقهم إلى كلِّ خير وحرصهم على كلِّ
خير، والمراد بالشرائع التي كثرت النوافل، وقد أراد هذا الصحابيُّ معرفةَ طريق من
طرق الخير يخصُّها بمزيد اعتناء لتحصيل ثواب الله عزَّ وجلَّ، وأمَّا الفرائض
فإنَّها مطلوبة كلُّها، ويجب على المسلم التمسُّكُ بها جميعاً، وقد أجابه النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم بالمداومة على ذكر الله، وألاَّ يزال لسانُه رطباً من ذكره،
والذِّكرُ يكون عامًّا وخاصًّا، والذِّكرُ العام يدخل فيه الصلوات وقراءة القرآن
وتعلُّم العلم وتعليمه وحمد الله والثناء عليه وتنزيهه وتقديسه عن كلِّ ما لا يليق
به، والذِّكرُ الخاص حمد الله والثناء عليه وتسبيحه وتهلي له وتكبيره وتحميده، وهو
الذي يُقرن بالدعاء، فيُقال: الذِّكر والدعاء، أو الأدعية والأذكار، وهذا العمل
سهلٌ على الإنسان، عظيم الأجر عند الله، وثبت في الصحيحين وهو آخر حديث في صحيح
البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان،
ثقيلتان في الميزان: سبحان وبحمده، سبحان الله العظيم".

ص -155- 2 - مِمَّا
يُستفاد من الحديث:
1 - حرص الصحابة رضي الله عنهم على الأسئلة عن أمور
دينهم.
2 - فضل ذكر الله عزَّ وجلَّ والمدوامة عليه.
آخر الشرح، والحمد لله
ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله
وصحبه.

جمع الفقير إلى عفو ربه :
أبو حارثة الأثري اليمني
غفر الله له و لجميع المؤمنين و المؤمنات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب -5-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابـــر أهل الحديث والأثــر :: المنبر الاسلامي :: منبرالاحاديث النبوية-
انتقل الى: