بيانٌ للناس... وردٌّ على ادِّعاء (حماس )
علي بن حسن الحلبي الأثري
-عفا الله عنه-
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه العزيز: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً} ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم القائل -فيما صح عنه-: «من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال [عصارة أهل النار] حتى يخرج مما قال».
أما بعد:
فقد اتصل بي، وكتب إليَّ: غيرُ واحدٍ من الإخوة الحريصين، والعديدُ من الأصدقاء المحبين: يستفسرونني حول ما نسبه إليّ بعض من لا أعرف -ضمن مؤتمر صحفي لحركة (حماس)-: من فتوى مزعومة تناقلتها -بدون تثبت!- بعض الفضائيات -مما لم أرَ أو أسمع!-: تتضمن الافتراء عليّ -لا الإفتاء منِّي!- بأني أجزتُ اغتيال الأخ (إسماعيل هنية)؛ مما يعلم الله -سبحانه وتعالى- أنه كذب محض، وافتراء صريح.
وإيضاحاً للحق، وبياناً للحقيقة؛ أقول:
أولاً: الدعوة السلفية دعوة شرعية علمية، قائمة على التصفية والتربية؛ في ضوء كتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حرصاً على إيمان الأمة، وأمنها، وأمانها.
ثانياً: ليس من منهج هذه الدعوة المباركة دخول المعترك السياسي (المعاصر!)، أو الخوض فيه؛ فضلاً عن التعرض للفتاوى الثورية أو التثويرية، أو الأعمال الانتقامية أو التشغيبية!
ثالثاً: من منهج دعوتنا المباركة -الواضح-: رفض مبدأ تجويز الاغتيالات والقتل الغادر -أصلاً-؛ حتى لو كان هذا الاغتيال مقصوداً به كافر مستأمَن يقيم في بلاد المسلمين؛ فكيف بالإفتاء بقتل مسلمٍ -أيِّ مسلمٍ- في أرضه-؟!
رابعاً: مما نكرره دائماً، ونردده باستمرار: أن القضايا الكبار ليس لها إلا العلماء الكبار، بل نرى أنفسنا -ويرى غيرُنا منَّا- أننا كثيراً ما نجتنب الفُتيا في مسائل الطلاق والمواريث -لحساسيتهما الشديدة في واقع الناس-؛ فكيف بالإفتاء فيما يعدُّ من أكبر الذنوب بعد الشرك بالله: ألا وهو قتل أيِّ امرئٍ مسلم؟!
خامساً: إننا نعلم -كما يعلم القاصي والداني- أن ذاك الخلاف الجاري
-والنِّزاعَ المستمر- بين (السلطة الفلسطينية) و(حركة حماس) -على أرض فلسطين الطهور-: فتنة كبرى، وتفرُّق عظيم: لا يستفيد منه إلا المحتلُّ المتربص.
وقد علم الجميع -من قبل ومن بعد- آثار هذا الواقع المرير؛ مِن ذلك الاقتتال الشنيع، وذياك القتل المريع الذي أباح الدم الفلسطيني باسم الحرص على الشعب الفلسطيني ( ! )، والذي -وللأسف الشديد- لم يكن ينتظر -في أيِّ وقتٍ!- أيَّ فتوى تبيح له ارتكابَ مثلِ هذه الجرائم العِظام: من أي جهةٍ أو شخصٍ؛ فضلاً عمّن ليس مفتياً ولا قاضياً -مثلي-!!
فلْيتقِ اللهَ -عز وجل- هؤلاء الإخوة المُتعادون -فيما بينهم- ( ! ) في شعبهم وأمتهم، ولْيتقوا الله في أنفسهم ومن معهم، ولْيحرصوا -جميعاً- على المصلحة العظمى العامة، دون المصالح الضيقة الحزبية الصغيرة: ولا يكون ذلك -حقًّا- إلا بالتعاون والاعتصام والتكامل.
سادساً: يعلم الناس -جميعاً- عارفهم وجاهلهم-: أن فتوانا الشرعية الواضحة -عند اشتداد الفتن-: البعد عنها، والحذر منها، ولزوم البيوت -مجانبةً لها- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «العبادة في الهَرْجِ كهجرةٍ إليَّ».
ولو أن هذه الفتوى -هكذا -من حيث الواقع- جعلت بعض المتسرعين ينقل عنَّا خلافَ المصلحة التي نريد!
سابعاً: كان الواجب على مَن نشر هذه الدعوى الكاذبة -أو تبنَّاها!-: أن يتثبت قبل الرمي والاتهام، ويستعلمَ قبل النشر والإلزام؛ وذلك مِن أدنى حقوق أخوّة الإسلام!
ثامناً: كل من فهم منِّي، أو نقل عنِّي: خلافَ هذا التأصيل العلمي المنضبط -فيما نحن فيه -أو فيما يشبهه-: فهو كاذبٌ مفترٍ، أقاضيه -يومَ الفصل والجزاء- لرب الأرض والسماء -تبارك اسمه- القائل: {وقفوهم إنهم مسؤولون}.
والله -وحده- المستعان، وعليه التكلان، وهو القائل -سبحانه-: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
10/صفر/1429هـ
عمان - الأردن
التوقيع
قال أبو عبد الله بن بطة : سمعت أبا محمد البربهاري يقول : " المجالسة للمناصحة ، فتح باب الفائدة ، والمجالسة للمناظرة ، غلق باب الفائدة ".