منابـــر أهل الحديث والأثــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اتباع أهل الحديث والأثر في فهم النصوص
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح الباري شرح صحيح البخاري Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري   فتح الباري شرح صحيح البخاري I_icon_minitimeالسبت مارس 08, 2008 11:42 pm

باب الْكُنْيَةِ لِلصَّبِيِّ وَقَبْلَ اَنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏
‏(‏باب الكنية للصبي، وقبل ان يولد للرجل‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ يلد
الرجل ‏"‏ ذكر فيه قصة ابي عمير وهو مطابق لاحد ركني الترجمة، والركن
الثاني ماخوذ من الالحاق بل بطريق الاولى، واشار بذلك الى الرد على من منع
تكنية من لم يولد له مستندا الى انه خلاف الواقع، فقد اخرج ابن ماجه واحمد
والطحاوي وصححه الحاكم من حديث صهيب ‏"‏ ان عمر قال له‏:‏ ما لك تكنى ابا
يحيى وليس لك ولد‏؟‏ قال‏:‏ ان النبي صلى الله عليه وسلم كناني ‏"‏ واخرج
سعيد بن منصور من طريق فضيل بن عمرو ‏"‏ قلت لابراهيم اني اكنى ابا النضر
وليس لي ولد، واسمع الناس يقولون‏:‏ من اكتنى وليس له ولد فهو ابو جعر،
فقال ابراهيم‏:‏ كان علقمة يكنى ابا شبل وكان عقيما لا يولد له وقوله جعر
بفتح الجيم وسكون المهملة، وشبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة‏.‏

واخرج المصنف في ‏"‏ الادب المفرد ‏"‏ عن علقمة قال‏:‏ كناني عبد الله بن مسعود قبل ان يولد لي‏.‏

وقد كان ذلك مستعملا عند العرب، قال الشاعر‏:‏ لها كنية عمرو وليس لها عمرو‏.‏

واخرج ابن ابي شيبة عن الزهري قال‏:‏ كان رجال من الصحابة يكتنون قبل ان يولد لهم‏.‏

واخرج
المصنف في ‏"‏ باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ من كتاب
الجنائز عن هلال الوزان قال‏:‏ كناني عروة قبل ان يولد لي‏.‏

قلت‏:‏ وكنية هلال المذكور ابو عمرو ويقال ابو امية ويقال غير ذلك‏.‏

واخرج الطبراني عن علقمة عن ابن مسعود ‏"‏ ان النبي صلى الله عليه وسلم كناه ابا عبد الرحمن قبل ان يولد له ‏"‏ وسنده صحيح‏.‏

قال
العلماء‏:‏ كانوا يكنون الصبي تفاؤلا بانه سيعيش حتى يولد له، وللامن من
التلقيب، لان الغالب ان من يذكر شخصا فيعظمه ان لا يذكره باسمه الخاص به
فاذا كانت له كنية امن من تلقيبه، ولهذا قال قائلهم‏:‏ بادروا ابناءكم
بالكنى قبل ان تغلب عليها الالقاب‏.‏

وقالوا‏:‏ الكنية للعرب كاللقب للعجم، ومن ثم كره للشخص ان يكني نفسه الا ان قصد التعريف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا
مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ اَبِي التَّيَّاحِ عَنْ
اَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً وَكَانَ لِي اَخٌ يُقَالُ لَهُ اَبُو عُمَيْرٍ
قَالَ اَحْسِبُهُ فَطِيماً وَكَانَ اِذَا جَاءَ قَالَ يَا اَبَا عُمَيْرٍ
مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ
نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلَاةَ وَهُوَ فِي
بَيْتِنَا فَيَاْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ
وَيُنْضَحُ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏
‏(‏عبد الوارث‏)‏ هو ابن سعيد، وابو التياح بمثناة فوقانية ثم تحتانية
ثقيلة مفتوحتين ثم مهملة هو يزيد بن حميد، والاسناد كله بصريون، وقد تقدم
من رواية شعبة عن ابي التياح في ‏"‏ باب الانبساط الى الناس ‏"‏ وقد اخرجه
النسائي من طريق شعبة هكذا، ومن وجه اخر عن شعبة عن قتادة عن انس، ومن وجه
ثالث عن شعبة عن محمد بن قيس عن حميد عن انس والمشهور الاول، ويحتمل ان
يكون لشعبة فيه طرق‏.‏

قوله‏:‏
‏(‏كان النبي صلى الله عليه وسلم احسن الناس خلقا‏)‏ هذا قاله انس توطئة
لما يريد من قصة الصبي، واول حديث شعبة عن انس قال ‏"‏ ان كان النبي صلى
الله عليه وسلم ليخالطنا ‏"‏ ولاحمد من طريق المثنى بن سعيد عن ابي التياح
عن انس ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور ام سليم ‏"‏ وفي رواية محمد
بن قيس المذكور ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم قد اختلط بنا اهل البيت
‏"‏ يعني لبيت ابي طلحة وام سليم، ولابي يعلى من طريق محمد بن سيرين عن
انس ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يغشانا ويخالطنا ‏"‏ وللنسائي من
طريق اسماعيل بن جعفر عن حميد عن انس ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم
ياتي ابا طلحة كثيرا ‏"‏ ولابي يعلى من طريق خالد بن عبد الله عن حميد ‏"‏
كان ياتي ام سليم وينام على فراشها، وكان اذا مشى يتوكا ‏"‏ ولابن سعد
وسعيد بن منصور عن ربعي بن عبد الله بن الجارود عن انس ‏"‏ كان يزور ام
سليم فتتحفه بالشيء تصنعه له‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان لي اخ يقال له ابو عمير‏)‏ هو بالتصغير‏.‏

وفي
رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن انس عند احمد ‏"‏ كان لي اخ صغير ‏"‏ وهو
اخو انس بن مالك من امه، ففي رواية المثنى بن سعيد المذكورة ‏"‏ وكان لها
اي ام سليم ابن صغير ‏"‏ وفي رواية حميد، عند احمد ‏"‏ وكان لها من ابي
طلحة ابن يكنى ابا عمير ‏"‏ وفي رواية مروان بن معاوية عن حميد عند ابن
ابي عمر ‏"‏ كان بني لابي طلحة ‏"‏ وفي رواية عمارة بن زاذان عن ثابت عند
ابن سعد ‏"‏ ان ابا طلحة كان له ابن قال احسبه فطيما ‏"‏ في بعض النسخ ‏"‏
فطيم ‏"‏ بغير الف وهو محمول على طريقة من يكتب المنصوب المنون بلا الف
والاصل فطيم لانه صفة اخ وهو مرفوع، لكن تخلل بين الصفة والموصوف ‏"‏
احسبه‏"‏، وقد وقع عند احمد من طريق المثنى بن سعيد مثل ما في الاصل فطيم
بمعنى مفطوم اي انتهى ارضاعه‏.‏

قوله‏:‏
‏(‏وكان‏)‏ اي النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏اذا جاء‏)‏ زاد مروان بن
معاوية في روايته ‏"‏ اذا جاء لام سليم يمازحه ‏"‏ ولاحمد في روايته عند
حميد مثله، وفي اخرى ‏"‏ يضاحكه ‏"‏ وفي رواية محمد بن قيس يهازله‏.‏

وفي رواية المثنى بن ابي عوانة ‏"‏ يفاكهه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏
‏(‏يا ابا عمير‏)‏ في رواية ربعي بن عبد الله ‏"‏ فزارنا ذات يوم فقال‏:‏
يا ام سليم ما شاني ارى ابا عمير ابنك خائر النفس ‏"‏ بمعجمة ومثلثة اي
ثقيل النفس غير نشيط‏.‏

وفي
رواية مروان بن معاوية واسماعيل بن جعفر كلاهما عن حميد ‏"‏ فجاء يوما وقد
مات نغيره ‏"‏ زاد مروان ‏"‏ الذي كان يلعب به ‏"‏ زاد اسماعيل ‏"‏ فوجده
حزينا، فسال عنه فاخبرته فقال‏:‏ يا ايا عمير ‏"‏ وساقه احمد عن يزيد بن
هارون عن حميد بتمامه‏.‏

وفي
رواية حماد بن سلمة المشار اليها ‏"‏ فقال ما شان ابي عمير حزينا ‏"‏ وفي
رواية ربعي بن عبد الله ‏"‏ فجعل يمسح راسه ويقول ‏"‏ في رواية عمارة بن
زاذان ‏"‏ فكان يستقبله ويقول‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما فعل النغير ‏)‏ بنون ومعجمة وراء مصغر، وكرر ذلك في رواية حماد بن سلمة‏.‏

قوله‏:‏
‏(‏نغير كان يلعب به‏)‏ وهو طير صغير واحد نغرة وجمعه نغران، قال الخطابي
طوير له صوت، وفيه نظر فانه ورد في بعض طرقه انه الصعو بمهملتين بوزن
العفو كما في رواية ربعي ‏"‏ فقالت ام سليم ماتت صعوته التي كان يلعب بها،
فقال اي ابا عمير مات النغير ‏"‏ فدل على انهما شيء واحد والصعو لا يوصف بحسن الصوت، قال الشاعر‏:‏ كالصعو يـرتع في الرياض وانما حبس الهزار لانه يترنم

قال عياض‏:‏ النغير طائر معروف يشبه العصفور، وقيل هي فرخ العصافير، وقيل هي نوع من الحمر بضم المهملة وتشديد الميم ثم راء، قال‏:‏ والراجح ان النغيرطائر احمر المنقار‏.‏

قلت‏:‏ هذا الذي جزم به الجوهري‏.‏

وقال صاحب ‏"‏ العين والمحكم ‏"‏‏:‏ الصعو صغير المنقار احمر الراس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا الخ‏)‏ تقدم شرحه مستوفى في كتاب الصلاة، وتقدمت الاشارة اليه قريبا ايضا‏.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو دعاء
مدير
مدير
أبو دعاء


المساهمات : 123
تاريخ التسجيل : 03/02/2008

فتح الباري شرح صحيح البخاري Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري   فتح الباري شرح صحيح البخاري I_icon_minitimeالسبت مارس 08, 2008 11:44 pm

فتح الباري شرح صحيح البخاري 1149540590aw9
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://douaa.yoo7.com
أبو حارثة الأثري الجزائري
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
مشرف منبر العقيدة والتوحيد
أبو حارثة الأثري الجزائري


المساهمات : 455
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

فتح الباري شرح صحيح البخاري Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري   فتح الباري شرح صحيح البخاري I_icon_minitimeالسبت مارس 08, 2008 11:45 pm

وفي
هذا الحديث عدة فوائد جمعها ابو العباس احمد بن ابي احمد الطبري المعروف
بابن القاص الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزء مفرد، بعد ان اخرجه من
وجهين عن شعبة عن ابي التياح، ومن وجهين عن حميد عن انس، ومن طريق محمد بن
سيرين، وقد جمعت في هذا الموضع طرقه وتتبعت ما في رواية كل منهم من فائدة
زائدة‏.‏


وذكر
ابن القاص في اول كتابه ان بعض الناس عاب على اهل الحديث انهم يروون اشياء
لا فائدة فيها، ومثل ذلك بحديث ابي عمير هذا قال‏:‏ وما درى ان في هذا
الحديث من وجوه الفقه وفنون الادب والفائدة ستين وجها‏.‏

ثم
ساقها مبسوطة، فلخصتها مستوفيا مقاصده، ثم اتبعته بما تيسر من الزوائد
عليه فقال‏:‏ فيه استحباب التاني في المشي، وزيارة الاخوان، وجواز زيارة
الرجل للمراة الاجنبية اذا لم تكن شابة وامنت الفتنة، وتخصيص الامام بعض
الرعية بالزيارة، ومخالطة بعض الرعية دون بعض، ومشي الحاكم وحده، وان كثرة
الزيارة لا تنقص المودة، وان قوله ‏"‏ زر غبا تزدد حبا ‏"‏ مخصوص بمن يزور
لطمع، وان النهي عن كثرة مخالطة الناس مخصوص بمن يخشى الفتنة او الضرر‏.‏


وفيه
مشروعية المصافحة لقول انس فيه ‏"‏ ما مسست كفا الين من كف رسول الله صلى
الله عليه وسلم ‏"‏ وتخصيص ذلك بالرجل دون المراة، وان الذي مضى في صفته
صلى الله عليه وسلم انه ‏"‏ كان شثن الكفين ‏"‏ خاص بعبالة الجسم لا
بخشونة اللمس‏.‏


وفيه
استحباب صلاة الزائر في بيت المزور ولا سيما ان كان الزائر ممن يتبرك به،
وجواز الصلاة على الحصير، وترك التقزز لانه علم ان في البيت صغيرا وصلى مع
ذلك في البيت وجلس فيه‏.‏


وفيه ان الاشياء على يقين الطهارة لان نضحهم البساط انما كان للتنظيف‏.‏


وفيه ان الاختيار للمصلي ان يقوم على اروح الاحوال وامكنها، خلافا لمن استحب من المشددين في العبادة ان يقوم على اجهدها‏.‏


وفيه جواز حمل العالم علمه الى من يستفيده منه، وفضيلة لال ابي طلحة ولبيته اذ صار في بيتهم قبلة يقطع بصحتها‏.‏


وفيه جواز الممازحة وتكرير المزح وانها اباحة سنة لا رخصة، وان ممازحة الصبي الذي لم يميز جائزة، وتكرير زيارة الممزوح معه‏.‏


وفيه
ترك التكبر والترفع، والفرق بين كون الكبير في الطريق فيتواقر او في البيت
فيمزح، وان الذي ورد في صفة المنافق ان سره يخالف علانيته ليس على
عمومه‏.‏


وفيه الحكم على ما يظهر من الامارات في الوجه من حزن او غيره‏.‏


وفيه
جواز الاستدلال بالعين على حال صاحبها، اذ استدل صلى الله عليه وسلم
بالحزن الظاهر على الحزن الكامن حتى حكم بانه حزين فسال امه عن حزنه‏.‏


وفيه
التلطف بالصديق صغيرا كان او كبيرا، والسؤال عن حاله، وان الخبر الوارد في
الزجر عن بكاء الصبي محمول على ما اذا بكى عن سبب عامدا ومن اذى بغير
حق‏.‏


وفيه قبول خبر الواحد لان الذي اجاب عن سبب حزن ابي عمير كان كذلك‏.‏


وفيه
جواز تكنية من لم يولد له، وجواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الابوين
ولدهما الصغير يلعب بما ابيح اللعب به، وجواز انفاق المال فيما يتلهى به
الصغير من المباحات، وجواز امساك الطير في القفص ونحوه، وقص جناح الطير اذ
لا يخلو حال طير ابي عمير من واحد منهما وايهما كان الواقع التحق به الاخر
في الحكم‏.‏


وفيه
جواز ادخال الصيد من الحل الى الحرم وامساكه بعد ادخاله، خلافا لمن منع من
امساكه وقاسه على من صاد ثم احرم فانه يجب عليه الارسال‏.‏


وفيه
جواز تصغير الاسم ولو كان لحيوان، وجواز مواجهة الصغير بالخطاب خلافا لمن
قال‏:‏ الحكيم لا يواجه بالخطاب الا من يعقل ويفهم، قال‏:‏ والصواب الجواز
حيث لا يكون هناك طلب جواب، ومن ثم لم يخاطبه في السؤال عن حاله بل سال
غيره‏.‏


وفيه معاشرة الناس على قدر عقولهم‏.‏


وفيه
جواز قيلولة الشخص في بيت غير بيت زوجته ولو لم تكن فيه زوجته، ومشروعية
القيلولة، وجواز قيلولة الحاكم في بيت بعض رعيته ولو كانت امراة، وجواز
دخول الرجل بيت المراة وزوجها غائب ولو لم يكن محرما اذا انتفت الفتنة‏.‏


وفيه اكرام الزائر وان التنعم الخفيف لا ينافي السنة، وان تشييع المزور الزائر ليس على الوجوب‏.‏


وفيه
ان الكبير اذا زار قوما واسى بينهم، فانه صافح انسا، ومازح ابا عمير، ونام
على فراش ام سليم، وصلى بهم في بيتهم حتى نالوا كلهم من بركته، انتهى ما
لخصته من كلامه فيما استنبط من فوائد حديث انس في قصة ابي عمير‏.‏


ثم
ذكر فصلا في فائدة تتبع طرق الحديث، فمن ذلك الخروج من خلاف من شرط في
قبول الخبر ان تتعدد طرقه، فقيل لاثنين وقيل لثلاثة وقيل لاربعة وقيل حتى
يستحق اسم الشهرة، فكان في جميع الطرق ما يحصل المقصود لكل احد غالبا، وفي
جميع الطرق ايضا، ومعرفة من رواها، وكميتها العلم بمراتب الرواة في الكثرة
والقلة‏.‏


وفيها الاطلاع على علة الخبر بانكشاف غلط الغالط وبيان تدليس المدلس وتوصيل المعنعن‏.‏


ثم
قال‏:‏ وفيما يسره الله تعالى من جمع طرق هذا الحديث واستنباط فوائده ما
يحصل به التمييز بين اهل الفهم في النقل وغيرهم ممن لا يهتدي لتحصيل ذلك،
مع ان العين المستنبط منها واحدة، ولكن من عجائب اللطيف الخبير انها تسقى
بماء واحد؛ ونفضل بعضها على بعض في الاكل هذا اخر كلامه ملخصا‏.‏


وقد
سبق الى التنبيه على فوائد قصة ابي عمير بخصوصها من القدماء ابو حاتم
الرازي احد ائمة الحديث وشيوخ اصحاب السنن، ثم تلاه الترمذي في ‏"‏
الشمائل ‏"‏ ثم تلاه الخطابي، وجميع ما ذكروه يقرب من عشرة فوائد فقط، وقد
ساق شيخنا في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ ما ذكره ابن القاص بتمامه ثم قال‏:‏ ومن
هذه الاوجه ما هو واضح، ومنها الخفي، ومنها المتعسف‏.‏


قال‏:‏ والفوائد التي ذكرها اخرا واكمل بها الستين هي من فائدة جمع طرق الحديث لا من خصوص هذا الحديث‏.‏


وقد
بقي من فوائد هذا الحديث ان بعض المالكية والخطابي من الشافعية استدلوا به
على ان صيد المدينة لا يحرم، وتعقب باحتمال ما قاله ابن القاص انه صيد في
الحل ثم ادخل الحرم فلذلك ابيح امساكه، وبهذا اجاب مالك في ‏"‏ المدونة
‏"‏ ونقله ابن المنذر عن احمد والكوفيين، ولا يلزم منه ان حرم المدينة لا
يحرم صيده‏.‏


واجاب
ابن التين بان ذلك كان قبل تحريم صيد حرم المدينة، وعكسه بعض الحنفية فقال
قصة ابي عمير تدل على نسخ الخبر الدال على تحريم صيد المدينة، وكلا
القولين متعقب‏.‏


وما
اجاب به ابن القاص من مخاطبة من لا يميز التحقيق فيه جواز مواجهته بالخطاب
اذا فهم الخطاب وكان في ذلك فائدة ولو بالتانيس له، وكذا في تعليمه الحكم
الشرعي عند قصد تمرينه عليه من الصغر كما في قصة الحسن بن علي لما وضع
التمرة في فيه قال له ‏"‏ كخ كخ، اما علمت انا لا ناكل الصدقة ‏"‏ كما
تقدم بسطه في موضعه، ويجوز ايضا مطلقا اذا كان القصد بذلك خطاب من حضر او
استفهامه ممن يعقل، وكثيرا ما يقال للصغير الذي لا يفهم اصلا اذا كان ظاهر
الوعك‏:‏ كيف انت‏؟‏ والمراد سؤال كافله او حامله‏.‏


وذكر ابن بطال من فوائد هذا الحديث ايضا استحباب النضح فيما لم يتيقن طهارته‏.‏


وفيه ان اسماء الاعلام لا يقصد معانيها، وان اطلاقها على المسمى لا يستلزم الكذب، لان الصبي لم يكن ابا وقد دعي ابا عمير‏.‏


وفيه جواز السجع في الكلام اذا لم يكن متكلفا، وان ذلك لا يمتنع من النبي كما امتنع منه انشاء الشعر‏.‏


وفيه اتحاف الزائر بصنيع ما يعرف انه يعجبه من ماكول او غيره‏.‏


وفيه جواز الرواية بالمعنى، لان القصة واحدة وقد جاءت بالفاظ مختلفة‏.‏


وفيه
جواز الاقتصار على بعض الحديث، وجواز الاتيان به تارة مطولا وتارة ملخصا،
وجميع ذلك يحتمل ان يكون من انس ويحتمل ان يكون ممن بعده، والذي يظهر ان
بعض ذلك منه والكثير منه ممن بعده، وذلك يظهر من اتحاد المخارج
واختلافها‏.‏


وفيه مسح راس الصغير للملاطفة، وفيه دعاء الشخص بتصغير اسمه عند عدم الايذاء، وفيه جواز السؤال عما السائل به عالم لقوله ‏"‏ ما فعل النغير"‏‏؟‏ بعد علمه بانه مات‏.‏


وفيه
اكرام اقارب الخادم واظهار المحبة لهم، لان جميع ما ذكر من صنيع النبي صلى
الله عليه وسلم مع ام سليم وذويها كان غالبا بواسطة خدمة انس له‏.‏


وقد
نوزع ابن القاص في الاستدلال به على اطلاق جواز لعب الصغير بالطير، فقال
ابو عبد الملك‏:‏ يجوز ان يكون ذلك منسوخا بالنهي عن تعذيب الحيوان‏.‏


وقال
القرطبي‏:‏ الحق ان لا نسخ، بل الذي رخص فيه للصبي امساك الطير ليلتهي به،
واما تمكينه من تعذيبه ولا سيما حتى يموت فلم يبح قط‏.‏


ومن
الفوائد التي لم يذكرها ابن القاص ولا غيره في قصة ابي عمير ان عند احمد
في اخر رواية عمارة بن زاذان عن ثابت عن انس ‏"‏ فمرض الصبي فهلك ‏"‏ فذكر
الحديث في قصة موته وما وقع لام سليم من كتمان ذلك عن ابي طلحة حتى نام
معها، ثم اخبرته لما اصبح فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فدعا لهم
فحملت ثم وضعت غلاما، فاحضره انس الى النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه
وسماه عبد الله، وقد تقدم ذلك مستوفى في كتاب الجنائز، وتاتي الاشارة الى
بعضه في ‏"‏ باب المعاريض ‏"‏ قريبا‏.‏


وقد
جزم الدمياطي في ‏"‏ انساب الخزرج ‏"‏ بان ابا عمير مات صغيرا وقال ابن
الاثير في ترجمته في الصحابة‏:‏ لعله الغلام الذي جرى لام سليم وابي طلحة
في امره ما جرى، وكانه لم يستحضر رواية عمارة بن زاذان المصرحة بذلك فذكره
احتمالا، ولم ار عند من ذكر ابا عمير في الصحابة له غير قصة النغيرر،
ولا ذكروا له اسما، بل جزم بعض الشراح بان اسمه كنيته، فعلى هذا يكون ذلك
من فوائد هذا الحديث، وهو جعل الاسم المصدر باب او ام اسما علما من غير ان
يكون له اسم غيره، لكن قد يؤخذ من قول انس في رواية ربعي بن عبد الله ‏"‏
يكنى ابا عمير ‏"‏ ان له اسما غير كنيته‏.‏


واخرج
ابو داود والنسائي وابن ماجه من رواية هشيم عن ابي عمير بن انس بن مالك عن
عمومة له حديثا، وابو عمير هذا ذكروا انه كان اكبر ولد انس وذكروا ان اسمه
عبد الله كما جزم به الحاكم ابو احمد وغيره، فلعل انسا مسماه باسم اخيه
لامه وكناه بكنيته، ويكون ابو طلحة سمى ابنه الذي رزقه خلفا من ابي عمير
باسم ابي عمير لكنه لم يكنه بكنيته، والله اعلم‏.‏


ثم
وجدت في كتاب النساء لابي الفرج بن الجوزي قد اخرج في اواخره في ترجمة ام
سليم من طريق محمد بن عمرو وهو ابو سهل البصري وفيه مقال عن حفص بن عبيد
الله عن انس ان ابا طلحة زوج ام سليم كان له منها ابن يقال له حفص غلام قد
ترعرع فاصبح ابو طلحة وهو صائم في بعض شغله فذكر قصة نحو القصة التي في
الصحيح بطولها في موت الغلام ونومها مع ابي طلحة وقولها ‏"‏ ارايت لو ان
رجلا اعارك عارية الخ ‏"‏ واعلامهما النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ودعائه
لهما وولادتهما وارسالها الولد الى النبي صلى الله عليه وسلم ليحنكه‏.‏


وفي القصة مخالفة لما في الصحيح‏:‏ منها ان الغلام كان صحيحا فمات بغتة، ومنها انه ترعرع، والباقي بمعناه‏.‏


فعرف بهذا ان اسم ابي عمير حفص، وهو وارد على من صنف في الصحابة وفي المبهمات، والله اعلم‏.‏


ومن
النوادر التي تتعلق بقصة ابي عمير ما اخرجه الحاكم في ‏"‏ علوم الحديث ‏"‏
عن ابي حاتم الرازي انه قال‏:‏ حفظ الله اخانا صالح بن محمد - يعني الحافظ
الملقب جزرة - فانه لا يزال يبسطنا غائبا وحاضرا، كتب الي انه لما مات
الذهلي - يعني بنيسابور - اجلسوا شيخا لهم يقال له محمش فاملى عليهم حديث
انس هذا فقال‏:‏ يا ابا عمير ما فعل البعير‏؟‏ قاله بفتح عين عمير بوزن
عظيم وقال بموحدة مفتوحة بدل النون واهمل العين بوزن الاول فصحف الاسمين
معا‏.‏


قلت‏:‏
ومحمش هذا لقب وهو بفتح الميم الاولى وكسر الثانية بينهما حاء مهملة ساكنة
واخره معجمة، واسمه محمد بن يزيد بن عبد الله النيسابوري السلمي ذكره ابن
حبان في الثقات وقال‏:‏ روى عن يزيد بن هارون وغيره وكانت فيه دعابة


جمع الأخ :
أبو حارثة الأثري الجزائري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابـــر أهل الحديث والأثــر :: المنبر الاسلامي :: منبرالاحاديث النبوية-
انتقل الى: